الحياة والمجتمع

من اخترع الصفر

الصّفر

الصّفر هو العدد الصّحيح الذي يسبق الـعدد (1) ويلي العدد (-1)، وهو عددٌ، ورقمٌ في الوقت ذاته، والصّفر كعدد يعني عدم وجود قيمة، فإذا كان هناك شيء له وزن صفر مثلاً، فإنّه ليس له وزن، يُعد الصّفر عنصراً محايداً لا يغيّر من قيّم الأعداد الصّحيحة والأعداد الحقيقية عندما يُجمع معها، أما الصّفر كرقم فيُستخدم كعنصرٍ نائبٍ في أنظمة القيمة المكانيّة، يُسمى الصّفر باللغة الإنجليزية “zero”، و “nil”، و “nought”، و”naught”. وأصل كلمة صفر في اللغة العربية ترجمة للكلمة السّنسكريتية (śūnya) والتي تعني فارغ، وعند ترجمة كلمة صفر أصبحت “zephyr” أو “zephyrus” باللاتينيّة، ومنها جاءت الكلمة الإيطاليّة zefiro.

تاريخ اختراع الصّفر

بالرغم من أنّ مفهوم اللا شيء، أو عدم وجود شيءٍ من المفاهيم التي يعرفها البشر منذ القدم، إلا أنّ مفهوم الصّفر يُعد مفهوماً جديداً نوعاً ما. ويُعد السومريون أول من أوجد نظام العد في العالم قبل ما يقرُب من خمسة آلاف عام، ومنهم انتقل نظام العد السّومري إلى البابليين حوالي (300) عام قبل الميلاد. وقد كان السّومريون يعبرون عن الصّفر بترك فراغ بين الأرقام، ثم استعاضوا عن الفراغ بوضع خطين لتمثيل قيمة الصّفر، أما الهنود فقد اقتربوا كثيراً من مفهوم الصّفر دون أن يتوصلوا إليه حتى جاء عالم الرّياضيات محمد بن موسى الخوارزمي الذي استفاد من علوم الهنود، واقترح أنه عندما لا يظهر أي عدد في خانة العشرات فيجب استخدام دائرة صغيرة في الحسابات، ودعا العرب هذه الدائرة “sifr”.

كان اختراع الصّفر حاسماً بالنسبة للخوارزمي، وقاده لاختراع علم الجبر في القرن التّاسع. كما طور الخوارزمي في ما بعد طُرُقاً سريعةً لضرب الأرقام وتقسيمها والتي عُرفت بالخوارزميات، انتقل الصّفر عن طريق فتح العرب لإسبانيا إلى أوروبا، وهناك تشكّك قادة الدّين المسيحي بالصّفر العربي، ووصفوه بأنه “شيطاني”، وتم حظره ومُنع استخدامه، إلا أنّ التّجار استخدموه سراً وبشكل غير قانوني، بحلول عام (1600) ميلادي تم قبول استخدام الصّفر في جميع أنحاء أوروبا، وأصبح أساسيّاً في نظام الإحداثيات الدّيكارتية، وحساب التّفاضل والتّكامل الذي مهّد الطّريق لتطور علوم الرّياضيات، والفيزياء الحديثة، والهندسة، والحاسوب، والكثير من النّظريات الماليّة والاقتصادية.

خصائص الصّفر الرّياضيّة

من خصائص الصّفر الرّياضيّة ما يلي:

  • عند إضافة الصّفر إلى أي عدد لا تتغير قيمة ذلك العدد، ويمكن توضيح ذلك من خلال المعادلة (س+0)= س.
  • عند طرح الصّفر من أي عدد، لا تتغير قيمة ذلك العدد، ويمكن توضيح ذلك من خلال المعادلة (س -0)= س.
  • عند طرح أي عدد من الصّفر يكون الناتج العدد بالسالب، ويمكن توضيح ذلك من خلال المعادلة (0- س) =- س.
  • عند ضرب أي عدد بالصّفر يكون الناتج صفراً، ويمكن توضيح ذلك من خلال المعادلة ( س* 0 = 0).
  • عند قسمة الصّفر على أي عدد (ما عدا الصّفر) يكون الناتج صفراً، أما عند قسمة أي عدد على الصّفر يكون الناتج غير محدد.
  • عند رفع أي عدد لا يساوي صفراً للأس صفر يكون الناتج واحداً صحيحاً، ويمكن توضيح ذلك من خلال المعادلة (س0=1).
  • عند رفع الصّفر لأي عدد حقيقي موجب يكون الناتج صفراً، ويمكن توضيح ذلك من خلال المعادلة 0س =0.

محمد بن موسى الخوارزمي

هو أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي، يقال إنّه وُلد حوالي عام (781) ميلادي، ولم يُعرف وقت وفاته على وجه التحديد (ما بين 232 – 236 هـ)، وهو عالم مسلم له دور كبير في تطوّر علم الرّياضيات، والفلك، والجغرافيا ورسم الخرائط، والحاسوب. عينّه الخليفة المأمون على رأس خزانة كتبه التي أسسها في دار الحكمة في بغداد، وعهد إليه بترجمة الكتب اليونانية، واستفاد الخوارزمي من اطّلاعه على الكتب المختلفة في خزانة المأمون، فدرس الرّياضيات، والتّاريخ، والجغرافيا، والفلك، وأحاط بالمعارف اليونانيّة والهندية، وألّف العديد من الكتب، كانت جميعها باللغة العربية، لأنها لغة العلم في ذلك الزمن. من ألقابه أبو علم الحاسوب، وأبو الجبر. وقد صف ألدو مييلي عظمة الخوارزمي بقوله: (وقد افتتح الخوارزمي افتتاحاً باهراً سلسلة من الرياضيين العظام). ومن أهم أعمال وإنجازات الخوارزمي ما يلي:

  • ابتكر مفهوم الخوارزميّة الذي استُخدم في العديد من اللغات، ومنها كلمة “algorithm” بالإنجليزيّة التي اشتُقّت من اسمه.
  • أسس علم الجبر كعلم مستقل، وأطلق عليه هذا الاسم الذي ما زال يُعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوروبية، ومنها (Algebra) في الإنجليزيّة.
  • طوّر ونقّح الكثير من المعلومات الموجودة مسبقاً عند الإغريق، والهنود في مجال الرّياضيات، وطبعها بطابع الالتزام بالمنطق.
  • اكتشف قاعدة الخطأين، والطريقة الهندسية لحل المعادلة التربيعية من الدرجة الثانية.
  • نشر أول الجداول العربيّة عن المثلثات للجيوب، والظّلال، والتي تُرجمت في ما بعد إلى اللاتينيّة.
  • وضع الجداول الفلكية (الزيج) التي اعتمد عليها العرب في وضع الجداول الفلكيّة الأخرى.
  • صحّح أبحاث العالم الإغريقي بطليموس (Ptolemy) فيالجغرافيا، وأشرف على عمل (70) جغرافياً لإنجاز أول خريطة للعالم في ذلك الوقت.
  • توصّل إلى حساب بعض الأجسام، كالمخروط، والهرم الثّلاثي، والهرم الرّباعي.
  • ألّف العديد من الكتب التي ظلت تُدرّس في الجامعات الأوروبية حتى القرن السّادس عشر ومن أهمها:
    • كتاب الجبر والمقابلة: ألف الخوارزمي كتاب الجبر والمقابلة بناءً على طلب الخليفة المأمون، ويعالج الكتاب بعض المعاملات مثل البيع والشّراء، وصرافة الدّراهم، والتّأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض وتعيين وحدة القياس، وحساب مساحة بعض السّطوح، ومساحة الدّائرة، ومساحة قطعة الدّائرة. وقد تُرجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر.
    • الزّيج الأول.
    • الزّيج الثاني المعروف باسم السّند هند.
    • كتاب الرّخامة.
    • كتاب العمل بالإسطرلاب.
    • كتاب صورة الأرض، وتوجد مخطوطته في ستراسبورغ في فرنسا.
السابق
كيفية لعب الشطرنج
التالي
عادات وتقاليد حول العالم

اترك تعليقاً