معلومات دينية

معلومات عن الإمام الذهبي

الإمام الذهبي

هو شيخ المؤرّخين وإمام المُحدِّثين الإمام الذهبي، واسمه محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي، ينتمي لأسرة تركمانيّة تنتهي بالولاء إلى قبيلة تميم سكنت مدينة ميافارقين من أعمال ديار بكر، ولد في دمشق سنة 673هـ، عمل والده أحمد بن عثمان في صناعة الذهب، فعُرِفَ بهذه المهنة، وصار الإمام الذهبي يُعرف باسم ابن الذهبي، وقد عمل الإمام بمهنة والده فصار يُعرف بلقب الذهبي عند بعض معاصريه مثل الصلاح الصفدي وابن كثير الدمشقي والتاج السبكي وغيرهم، بدأ طلبه للعلم صغيرًا، وتوجّه في طريقين رئيسَين للعلم: علم الحديث وعلم القراءات، وبدأ طلبه لعلم الحديث وهو في سن 17 أو 18 عامًا، وكذلك اهتمّ بالتّاريخ وعُني به، وعُرِفَ الإمام الذهبي بسعة الاطّلاع والأفق والعلم، وكذلك بالقدرة الفائقة على نقد الرجال، حتى صارت أقواله في الرجال والتاريخ مُعتبرة أيّما اعتبار عند من جاء بعده، وسيقف المقال فيما يأتي مع نُبَذٍ متفرّقة من سيرة الإمام الذهبي، ومع أهمّ مصنفاته كذلك.

سيرة الإمام الذهبي

بدأ الإمام الذهبي مسيرته في طلب العلم صغيرًا كما مرّ، وبدأ بطلب العلم ضمن ديار الشام؛ فسافر إلى حلب وحمص وحماه وبيت المقدس ونابلس والرملة وطرابلس وبَعلَبَكّ، ولكن أبرز رحلاته كانت في الديار المصريّة؛ إذ غالب الظنّ أنّه وصل إليها وعمره نحو من 22 عامًا سنة 695هـ، فرحل إلى الإسكندريّة والقاهرة ودمياط، وسَمِعَ من عدد من علماء الديار المصريّة مثل ابن دقيق العيد وشرف الدين الدمياطي، وقرأ على صدر الدين سحنون ختمة للقرآن بروايتَي ورش وحفص؛ وكان الإمام يجتهد كثيرًا في قراءة أكبر قدر ممكن من القرآن على مشايخ تلك البلاد، وكذلك في رحلته للحجّ سمع من عدد كبير من العلماء في منى وعرفة ومكة والمدينة، فلا يمكن حصر الشيوخ الذين أخذ عنهم، حتى صدق فيه قول الإمام تاج الدين السبكي عنه: “وسمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذه الفن إلى أن رسخت فيه قدمه، وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليال. وأقام بدمشق يُرحل إليه من سائر البلاد، وتناديه السؤالات من كل ناد وهو بين أكنافها كنف لأهليها وشرف تفتخر وتزهى به الدنيا وما فيها، طوراً تراها ضاحكة عن تبسم أزهارها، وقهقهة غدرانها، وتارة تلبس ثوب الوقار والفخار بما اشتملت عليه من إمامها المعدود في سكانها”.

وصحيح أنّ الإمام الذهبي قد أخذ عن جمع غفير من العلماء، إلّا أنّ له شيوخًا أعرف من غيرهم، فمنهم كان الإمام ابن تيمية وابن عساكر وشيخ الإسلام ابن دقيق العيد وغيرهم، وقد أخذ عنه كثير من العلماء الذين تتلمذوا على يده، فمنهم ابن كثير الدمشقي وخليل بن أيبك الصفدي المعروف بصلاح الدين الصفدي وشمس الدين الحسيني وتاج الدين السبكي، وأثنى عليه كبار علماء عصره ومن جاء بعدهم، فمن ذلك ما قاله ابن كثير في البداية والنهاية: “الشَّيْخُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، مُؤَرِّخُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ، شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ الله الذَّهَبِيُّ، خُتِمَ بِهِ شُيُوخُ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظُهُ، رَحِمَهُ الله”، وقال فيه الإمام السيوطي صاحب كتاب تاريخ الخلفاء: “طلب الحديث وله ثماني عشرة سنة، فسمع الكثير، ورحل، وعني بهذا الشأن وتعب فيه وخدمه إلى أن رسخت فيه قدمه، وتلا بالسبع، وأذعن له الناس”، وروي عن الإمام ابن حجر العسقلاني أنّه قال: “شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ”، وقد توفّي -رحمه الله ورضي عنه- سنة 748هـ، ودُفِنَ في مقبرة باب الصغير في دمشق بعد أن ترك آثارًا تشهد له إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى.

مصنفات الإمام الذهبي

لقد رحل الإمام الذهبي وترك وراءه إرثًا من المصنّفات والمؤلفات والآثار ما يحتاج إلى سرد طويل جدًّا للإحاطة بها؛ فقد كتب في الفقه والعقيدة والتاريخ والحديث والقراءات وغير ذلك، وبدأ رحلته التأليفيّة بالاختصارات؛ إذ اختصر ما يربو على خمسين كتابًا، منها تاريخ دمشق لابن عساكر، وأُسد الغابة لابن الأثير، والمستدرك للحاكم النيسابوري، والسنن الكبرى للبيهقي، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، واختصاراته -كما قال عنه أهل عصره- ليس فيها جمود أو ركود أو مجرّد نقل، بل كان فيها تعليقات تنمّ على سعة اطّلاعه على الفنون التي كُتِبَت فيها تلك الكتب، فكان يُضيف ويستدرك ويصوّب الغلط أو الوهم، فكانت اختصاراته تُثري الأصل وتسدّ النقص فيه، ومن مؤلفاته:

  • ميزان الاعتدال.
  • سِيَر أعلام النبلاء.
  • تاريخ الإسلام.
  • طبقات الحفّاظ.
  • طبقات القرّاء.
  • التجريد في أسماء الصحابة.
  • الكبائر.

كتاب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

لعلّ هذا الكتاب من أهمّ الكتب التي يمكن الوقوف عليها للإمام الذهبي، ويظهر فيها علوّ كعبه على غيره من الذين كتبوا في التاريخ، ويؤرّخ هذا الكتاب للإسلام منذ بدايته وإلى زمن الإمام الذهبي، ويتفوّق هذا الكتاب على كتاب سير أعلام النبلاء من حيث كميّة التراجم الهائلة التي يقدّمها هذا الكتاب؛ فكتاب السّير -من اسمه- يترجم فقط للأعلام المشهورين، أمّا تاريخ الإسلام فيُترجم لرجال مشهورين ومجهولين، وتجدر الإشارة كذلك إلى أنّ الإمام الذهبي لم يترجم للخلفاء الراشدين في كتابه السِّيَر، ولكنّه في تاريخ الإسلام قد أفرد لهم جزءًا كاملًا، وكثرة التراجم في كتاب تاريخ الإسلام تعطي الذهبي ميزة خاصّة تجعله يتفرّد بها عن غيره من كتّاب التاريخ كالخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد، وابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق؛ وتلك الميزة هي أنّ الذهبي قد وقف على رسائل مشيخات وأسانيد لم يقف عليها غيره مثل الخطيب وابن عساكر، ويُقدّم الإمام الذهبي المغازي على السيرة النبويّة في كتابه هذا؛ والسبب في ذلك هو المنهجيّة التي يتّبعها في ذكر الوقائع والأحداث والأخبار التي أسهم بها صاحب الترجمة قبل الترجمة له، ومن مندوحة القول إنّ الأجزاء الأولى من كتاب تاريخ الإسلام هي أقلّ الاجزاء من حيث كميّة التراجم، والسبب في ذلك يُجيب عنه الإمام الذهبي في قوله: “والسبب في قلة من توفي في هذا العام وما بعده من السنين أن المسلمين كانوا قليلين بالنسبة إلى من بعدهم؛ فإنّ الإسلام لم يكن إلّا ببعض الحجاز، أو من هاجر إلى الحبشة…”.

كتاب سير أعلام النبلاء

وهذا الكتاب قد استخرجه مؤلفه من كتابه الأشهر تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، وهو مع ذلك من أعظم الكتب في التراجم، وأمّا اسم الكتاب ففيه خلاف، فمنهم من قال إنّ اسمه تاريخ العلماء النبلاء، ومنهم من قال كتاب النبلاء، ومنهم من قال أعيان النبلاء، وقالوا كذلك سير النبلاء، وأمّا اسم سير أعلام النبلاء فقد وجد في مخطوط على طراز مخطوطات مكتبة السلطان أحمد الثالث، وقد جاء هذا الكتاب بعد كتاب تاريخ الإسلام، وجعله مؤلِّفَهُ في أربعة عشر مجلّدًا، ونظام الكتاب هو نظام الطبقات؛ فقد جعل المؤلِّف كتابه هذا في أربعين طبقة، وممّا يذكر عن هذا الكتاب أنّ الإمام الذهبي كان كثيرًا ما يجمع ترجمة الرجل مع أقربائه من إخوته أو أبنائه أو والديه، فمثلًا حين ترجم للسلطان صلاح الدين الأيوبي جمع معه أبناءه العزيز والظاهر والأفضل، وختامًا يمكن القول إنّ الإمام قد اختار تراجمه في كتاب السّير بناء على عدّة معايير منها:

  • العَلَميّة.
  • الشمول النوعي.
  • الشمول المكاني.
  • طول التراجم وقصرها.

كتاب ميزان الاعتدال في نقد الرجال

وهو كتاب في الجرح والتعديل جامع لنقد رواة الآثار ويحوي كذلك على تراجم أئمّة الأخبار، ألّفة الإمام الذهبي بعد كتابه المعروف المغني في الضعفاء، ولكنّه زاد في ميزان الاعتدال على المغني بأن ذكَرَ في الميزان رواة لم يكن قد ذكرهم في المغني؛ فذكر الكذّابين والمتروكين والضعفاء والذين في دينهم رقّة، وذكر كذلك من يُقبل في الشواهد، وأيضًا ذكر الصادقين أو المستورين والمجهولين والثقات، فيقول الإمام في كتابه هذا: “قد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين والوضاعين، ثم على المحدثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين فيهم لين ولم يبلغوا رتبة الأثبات المتقنين، ثم على خلق كثير من المجهولين”، وهذا باختصار ما يمكن الحديث عنه عن هذا الكتاب، ومعه يكون قد تمّ الحديث عن الإمام الذهبي في هذا المقال، والله أعلم.

السابق
كيفية معرفة جنس الجنين
التالي
أفضل وصفة لفقدان الشهية

اترك تعليقاً