الحياة والمجتمع

حكاية سر الصداقة – المستوى الثالث ابتدائي

حكاية سر الصداقة

بَيْنَ أروقَة مَكْتَبَةِ الْمَدْرَسَةِ، أثارَ انْتِباهَ فَاتِنَ كِتابٌ خُطَّتْ عَلَى غِلافِهِ عِبارَةُ: “سِرُ الصداقة”. وما إن مَدَّتْ يَدَها نَحْوَهُ في فضول، حَتَّى قَفَزَ وَليدَ مِنْ خَلْفِها لِيَنْتَزِعَهُ مِنْهَا، قَبْلَ أَن يَرْكُضَ مُبْتَعِداً، وَقَدْ مَلَأت ضحكاته أرجاء المكتبة.

وَحينَ خَلا وَليدَ بِنَفْسِهِ فِي الْمَنْزِلِ لِيَفْتَحَ الْكِتَابَ، إذا بِبَريق خاطِفِ يَلْمَعُ بَيْنَ الصَّفَحاتِ، لِيَظْهَرَ قُبالَتَهُ شَيْخٌ يَرْتَدِي بُرْنُساً أَبْيَضَ صَرَخَ وَليدَ في فَزَعِ:

– يا إلهي، مَنْ أَنْتَ؟

قالَ الشَّيخُ مُطَمَئِناً:

– لا تَخْشَ شَيْئاً يا بُنَيَّ أنا صديقُكَ الْمَلاك النَّاصِحُ!

تَساءَلَ وليد في استغراب:

– صديقي ؟ أنا لا أملك أصدقاء! ابْتَسَمَ الْمَلاكَ قَائِلاً:

أعْلَمُ ذلك يا وليد، لكن، ألم تَسْأَلُ نَفْسَكَ يَوْماً لِماذا يتحاشى الْجَمِيعُ صُحْبَتَكَ؟

انتفض وليد غاضباً:

بَلي إِنَّهُمْ يَغارونَ مِنَي بِسَبَبٍ اجتهادي وَتَفَوقي!

رَدَّ الْمَلاك في هدوء: – بَلْ لِأَنَّكَ تُسيء مُعامَلَةَ زُمَلائِكَ دائماً، وَلا تُكِنَّ لَهُمْ أَيْ احترام ألا تَذْكُرُ كَيْفَ سَطَوْتَ عَلى هذا الكِتابِ مِنْ يَدَيْ فاتن هذا الصباح؟

أطرَقَ وَليد بِرَأْسِهِ مُفَكّراً، ثُمَّ قَالَ : بماذا تَنْصَحْنِي أَيُّها الملاك ؟

رَدَّ الْمَلاك قائلاً: لِتَكسِبَ مَوَدَّةَ زُمَلائِكَ، يَنبَغِي أَنْ تُعَامِلَهُمْ بالمحبة والوفاء.

ثُمَّ أَخْرَجَ الْمَلاكَ مِنْ جَيْبِهِ بِلْوْرَةً مُضيئَةً وَقَالَ: لكِنْ لا داعِيَ لِلْقَلَقِ خُذْ مِنَي هَذِهِ الْهَدِيَّةَ! وَسَتَرى كَيْفَ سَتَساعِدُكَ عَلى تَحْسينِ عَلاقَتِكَ بِمَنْ حَوْلَكَ.

تَساءَلَ وليد:

– كَيْفَ ذلِكَ أَيُّهَا الْمَلاك الطَّيِّبُ؟ أجابَ الْمَلاك:

– اَلْأَمْرُ بَسيط لِلْغَايَةِ، فَحِينَ تُضيءُ الْبِلْوْرَةُ باللون الْأَخْضَرِ، فَهذا دَليلٌ عَلَى حُسْنِ تَصَرُّفكَ، وإن تَلْمَعْ باللون الأحْمَرِ، فَتِلْكَ إشارَةً إلى سوءِ سلوكك !

قَلَّبَ وَليدَ البِلَوْرَةَ في يَدِهِ مُنْدَهِشَاً، وَما إِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى كَانَ طَيْفُ الْمَلاكِ قَدِ اخْتَفى

وَفِي الْيَوْمِ الْمُوالِي، وَبَيْنَمَا كَانَ وَلِيدُ يَتَدافَعُ مُسابِقاً زُمَلاءَهُ في الصَّفِ، إذا بِهِ يُبْصِرُ الْبِلِّوْرَةَ تُشِعُ بِاللَّوْنِ الْأَحْمَرِ، فَتَذَكَّرَ كَلامَ الْمَلاكِ، ثُمَّ تَراجَعَ إِلَى الْخَلْفِ فورا.

وَما إِنْ رَأَى زَميلَتَهُ فَاتِنَ، حَتَّى هَرْوَلَ نَحْوَها لِيَعْتَذِرَ مِنْهَا عَمَا بَدَرَ مِنْهُ أَمْسِ، فَلَمَعَتِ الْبِلُّوْرَةُ مُجدّداً، لَكِن بِاللَّوْنِ الْأَخضَرِ هذِهِ الْمَرَّة.

هكذا، وَبِمُساعَدَةِ البِلْوَرَةِ السِّحْرِيْةِ، بَدَأ وَليدَ يَتَخَلَّصُ شَيْئاً فَشَيْئاً مِنْ غُرورِهِ وَأنانِيَتِهِ، وَصارَ أكْثَرَ احتِراماً لِزُمَلائِهِ. وَمَعَ مُرُورِ الْأَيَّامِ، لَمْ يَعُدْ صَدِيقُنا يَحْتاجُ تِلْكَ الْبِلُّوْرَةَ، فَقَرَّرَ ذاتَ صَباح، إعادَةَ الْكِتَابِ إلى الْمَكْتَبَةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ. لَقَدِ اخْتَفى الْكِتابُ الْعَجيبُ وَالْبِلُّوْرَةُ السَّحَرِيَّةُ أَيْضاً. رُبَّما أخَذَهُما المَلاك النَاصِحُ لِمُساعَدَةِ طِفل آخر يحتاجُ إلى أصدقاء.

السابق
حكاية منبع النشاط التعليم الصريح المستوى الثالثة ابتدائي

اترك تعليقاً