تلوُّث التربة
يُعرَّف تلوُّث التربة بأنّه اختلال توازُن طبقة الأرض الموجودة على سطح الأرض، وتَسمُّمها بالموادّ الكيميائيّة، ويُعَدّ تلوُّث التربة من الأمور السلبيّة التي تُؤثِّر على البيئة بشكل سلبيّ؛ حيث تَضُرُّ بطبقة الأرض الرقيقة، والخصبة، فالطبقة الخضراء التي تُغطّي الكرة الأرضيّة ناتجة عن زراعة التربة، ومن أهمّ أسباب تلوُّث التربة: المزارع، والمصانع، والمناجم، والسلوكيّات البشريّة الخاطئة التي أدَّت إلى زيادة هذا التلوُّث، بالإضافة إلى التسرُّب النفطيّ، والعمليّات الصناعيّة التي تعتمدُ على الموادّ الكيميائيّة، ممّا أدّى إلى تلوُّث التربة، وبالتالي إلى تلوُّث الماء؛ لأنّ المواد الكيميائيّة الموجودة في التربة، ستخترق طبقات الأرض، ممّا سيؤدّي إلى وصولها إلى الموارد المائيّة الموجودة هناك.
كيفيّة حدوث تلوُّث التربة
يحدث تلوُّث التربة عند إضافة موادّ سامّة إليها من قِبَل البَشَر، فهي تحتوي على كيميائيّات عُضويّة، كالفِلزّات الثقيلة، ومنها: الكادميوم، والنيكل، والرصاص، والسيلينيوم، والمُبيدات الزراعيّة، والهيدروكربونات؛ إذ تتّخذ من التربة مكاناً لها، كما أنّه بعد تحلُّلها في التربة، قد تنتقلُ إلى النباتات المزروعة في هذه التربة، وإلى الهواء، والماء، ممّا يُسبِّب ضَرراً كبيراً على البيئة، والإنسان، أمّا علاجها، فقد يحتاج إلى إزالة الموادّ المُلوّثة، ومعالجتها، ممّا يُؤدّي إلى تكلفة عالية، من حيث: الحَفْر، وإزالة التربة المُلوّثة، ومن ثمّ مُعالَجتها على مراحل مُتعدِّدة.
كيف يُؤثِّر الإنسان في التربة
الفضلات الصناعيّة
تستخدمُ المصانع بعض الموادّ الكيميائيّة في عملية التصنيع، فمثلاً يُعتبَرُ الحاسوب مصنوعاً من الفِلزّات، والزجاج، والعديد من الموادّ الأخرى، وحتى يتمّ صُنْع هذه الموادّ، لا بُدّ من استخدام موادّ كيميائيّة، عدا أنّ الموادّ الممزوجة بهذه الموادّ هي موادّ سامّة، حيث تُحفَظ في تنكات وخزّانات فِلزّية ضخمة موجودة داخل المصانع، وحدوث أيّ تقصير، أو خَلَل في هذه الخزّانات سيسبِّب بالتأكيد تسرُّباً للموادّ السامّة، حيث يتحمّل مالكو المصانع كامل المسؤوليّة عند حدوث أيّ إهمال في هذه الخزّانات، وبَعد استخدام الموادّ الكيميائيّة في مراحل التصنيع، والانتهاء منها، يتعيَّن على المصانع إزالتها بطُرُق سليمة، إذ كانت المصانع قديماً، تُزيل هذه الموادّ، من خلال قَذْفها في الجداول المائيّة، أو من خلال رَميِها في بِرَك مائيّة مُجاورة للمصنع، حيث تمّ إنشاء هذه البِرَك من قِبَل أرباب المصانع، وهذا التصرُّف يُؤدّي بدوره إلى اختراق الموادّ السامّة للتربة، وبالتالي تلوُّثها، كما أنّها قد تَصلُ إلى باطن الأرض مُخترِقة بذلك الموارد المائيّة الموجودة في المياه الجوفيّة، غير أنّ وجود مثل هذه الموادّ السامّة في التربة، قد يُؤدّي إلى انتقالها إلى طبقات الغلاف الجويّ، وذلك عَبْر الجوّ.
النفايات الصُّلبة والفضلات المنزليّة
تلجأُ العديد من الحكومات في مُعظم الدُّوَل إلى التخلُّص من الفضلات المنزليّة، وذلك عَبر دَفْنها تحت التربة، إلّا أنّ بعض هذه الفضلات قد لا يتحلَّل بسهولة، مع العِلم بأنّ أغلب هذه الفضلات سامّة وضارّة بالبيئة، ممّا يُؤدّي إلى القضاء على التربة الزراعيّة، وتَلَفها، وحدوث خَلَل وعدم توازُن في تركيبها العُضويّ.
الفِلزّات الثقيلة
الفِلزّات الثقيلة: هي موادّ سامّة، تُستعمَل في عديد من الصناعات، ومن هذه الموادّ: الرصاص، والزرنيخ، حيث استُخدِم الرصاص في صُنْع البنزينن والدهان، وفي حال وصول أيٍّ من هذه الموادّ إلى يد الطفل، فإنّ ذلك سيُؤدّي بالتأكيد إلى التسمُّم، كما أنّ الرصاص، والزرنيخ يُعَدّان فِلزّان ثقيلان يكثرُ وجودهما في التربة، ويعود السبب في ذلك إلى عدم تحلُّلهما بشكلٍ طبيعيّ، ممّا يُؤدّي إلى وجودهما في أنسجة الحيوانات، وبالتالي التسبُّب في حدوث الآثار السلبيّة في جسم الإنسان؛ إذ قد تُحدِثُ ضرراً في الجهاز العصبيّ، ممّا يُؤدّي إلى حدوث السرطانات بأنواعها، كما تَضرُّ بالأعضاء الداخليّة، والعِظام، ومن الأمثلة على كوارث تلوُّث التربة، ما حدث في الصين عام 2007م، إذ جهَّزَت وكالة الأخبار الصينيّة تقريراً يُوضِّح بأنّ أكثر من عشرة في المئة من الأراضي الزراعيّة الصينيّة كانت قد تلوَّثت؛ نتيجة الأسمدة الكيميائيّة، والفِلزّات الثقيلة، والنفايات الصُّلبة، حيث يُقدَّر بأنّ هناك ما يُقارب 12000000 طن من المحاصيل التي تلوَّثَت في الصين؛ نتيجةً لوجود الفِلزّات الثقيلة في التربة.
بقايا مُبيدات الآفات الحيوانيّة والزراعيّة
تُعتبَر المُبيدات الحيوانيّة والزراعيّة من أهمّ المُلوِّثات البيئيّة، وتتضمَّن المُبيدات عدّة أنواع، منها: المُبيدات الحشريّة، ومُبيدات المحاصيل، ومُبيدات الفطريّات، أمّا أنواع المُبيدات الحشريّة، فتنقسمُ إلى ما يأتي:
- المُركَّبات الكلورونيّة العُضويّة، حيث تُوجَد عادة في الأنسجة الدهنيّة للحيوان، والإنسان، ممّا يُؤدّي إلى سرطان الثدي، واضطرابات في الغُدَد الصمّاء.
- المُركَّبات الفسفوريّة، تتميَّز هذه المُركَّبات بتحلُّلها في المياه، ممّا يُقلِّل من نِسبة سُمِّيتها، كما أنّه قد يُقضَى عليها في القناة الهضميّة، ومع كلّ هذا، فهي تُسبِّب في كثير من الأوقات التسمُّم، والوفاة، أثناء رَشِّ المحاصيل، والمزروعات.
وباختصار، فإنّ استخدام المُبيدات الحشريّة بشكلٍ يفوق الطبيعيّ، يُؤدّي إلى تلوُّث التربة الزراعيّة، وغالباً ما يبقى جزء منها عالقاً في الأرض الزراعيّة، ولا يمكن أن تتمّ إزالة هذه البقايا إلّا بَعد مرور فترة زمنيّة طويلة، قد تتعدّى عشر سنوات، وقد تَنقلُ مياه الأمطار هذه المُبيدات عَبر المجاري المائيّة، حيث تُسبِّب الآثار السلبيّة في جسم الإنسان، والحيوان، أمّا بالنسبة إلى النباتات والمحاصيل التي تُزرَع في هذه التربة، فإنّها تساعد على امتصاص المُبيدات وحِفْظها في أنسجتها، إذ تتَّخذ الحيوانات من النباتات غذاءً لها، ممّا يُؤدّي إلى استقرارها في أنسجتها، وظهورها فيما بَعد في ألبانها، ولحومها، وبما أنّ الإنسان يتَّخذ من اللحوم، والألبان غذاءً له، فإنّها سوف تتسبَّب في الإضرار بصحّته بكلِّ تأكيد، وفي بعض الأحيان قد يَستخدمُ الإنسان طائرات خاصّة لرَشّ المحاصيل، ممّا يُؤدّي إلى تلوُّث التربة، والهواء إلى حَدٍّ كبير؛ إذ قد يَصِل انتشار المُبيد في الجوّ إلى نسبة خمسين في المئة.