البطالة
إنّ مُشكلة البطالة من أكثر المُشكلات التى تواجه شباب المجتمع العربي، وتؤثّر عليه سلباً سواءً من الناحية الاقتصادية أوالاجتماعية أو النفسية؛ فإن كانت البطالة حقيقيّةً أو مُقنّعةً فهي بلا شك تُعتبر حائلاً كبيراً بين تقدّم البلدان بسرعة وازدياد قوتها، مقارنةً بنظيراتها، كما تنتج عنها مشاكل أخرى تُضيف عبئاً على البلاد.
تعريف البطالة
البطالة هي عدم توافر فرص العمل للقادرين عليه، وقد جاء تعريفها لدى منظمة العمل الدولية بأنّها “لفظ يشمل كلّ الأشخاص العاطلين عن العمل رغم استعدادهم له وقيامهم بالبحث عنه مقابل أجر أو لحسابهم الخاص، وقد بلغوا من السنّ ما يؤهّلهم للكسب والإنتاج” يجب توافر عدّة شروط في الإنسان حتى يتمّ اعتباره عاطلاً عن العمل، وهي:
- أن يكون الإنسان قادراً على العمل.
- أن يكون باحثاً عن فرصة عمل.
- أن يكون على استعداد للعمل في حال توافر فرصة لذلك.
أنواع البطالة
توجد للبطالة العديد من الأنواع، وهي:
- البطالة الاحتكاكية: هي البطالة الناتجة عن تنقّل الأفراد من عملٍ لآخر نتيجة حدوث تغيّرات في الأوضاع الاقتصادية للبلاد، بالإضافة إلى انتقال العمّال من موقع جغرافي لموقع آخر، أو ترك الأم مهمّة التدبير المنزلي والمشاركة في سوق العمل.
- البطالة الهيكيلة: البطالة المنتشرة في قطاع مُعيّن دون غيره من القطاعات، ويعود السبب في ذلك إلى عدم تكافؤ توزيع القوى العاملة حسب مقدار الحاجة إليها، بالإضافة إلى قيام الآلات بوظائف الإنسان، ودخول الأطفال والمُراهقين والجنسيّات المختلفة إلى سوق العمل وبأجر زهيد؛ ممّا أدّى إلى الاستغناء عن العديد من القوى العاملة.
- البطالة الدورية أو الموسمية: البطالة التي تظهر بسبب عدم قدرة سوق العمل على استيعاب أو شراء الإنتاج المُتاح، وركود قطاع العمال.
- البطالة المُقنّعة: هي إشغال عدد من العمال غير المنتجين للوظائف بشكل يفوق الحاجة الفعلية؛ بحيث لو تم سحب هؤلاء العمال من وظائفهم فإن مقدار الإنتاج لن يتأثّر.
آثار البطالة
للبطالة العديد من الآثار السيّئة التي تُخلّفها في نفسية الفرد وتؤثر بشكل سلبي على المجتمع؛ فمن آثارالبطالة على سبيل المثال لا الحصر:
- ارتفاع مُعدّلات التضخم؛ فالعلاقة بين البطالة والتضخّم علاقة طردية؛ كلّما زادت البطالة قلّ الإنتاج وبالتالي ازداد ارتفاع الأسعار.
- إهدار الموارد البشريّة وحرمان المجتمع من طاقات ومنتجات العاطلين عن العمل.
- فقدان الأمن الاقتصادي؛ لعدم وجود مصدر دخل يجعل الفرد مطمئناً على مستقبله.
- تدنّي الحد الأدنى للأجور بسبب قبول العاطلين عن العمل بالوظيفة مهما كان الأجر، وبذلك ينتج تفاوت بين مقدار الأجور وتكاليف المعيشة.
- زيادة نسب الأمية وزوال القناعة بجدوى التعليم نظراً لعدم توافر وظائف.
- تراجع مفهومي الانتماء والولاء للوطن؛ فبمنظور البعض إن الوطن الذي لا يقدم حياةً كريمةً لأبنائه لا يستحق الانتماء والتضحية لأجله.
- إهدار سنوات عمر الإنسان دون إنتاج.
- شعور الفرد بالحقد والحسد اتجاه من حظي بوظيفة، وبالتالي شيوع الكراهية في المجتمع.
- تزايد مُعدّل الجريمة بشكل ملحوظ مثل السرقة والنهب والاحتيال والقتل.
- انحلال القيم والمبادئ الأخلاقية بسبب الفراغ والحاجة للمال.
- تزايد معدلات إدمان المواقع الإباحية والتحرش الجنسي لعجز الشباب عن الزواج.
- الاكتئاب والانعزال والوحدة ومحاولة التخلص من هذه الأمور عن طريق اللجوء إلى الكحول و المخدرات.
- ازدياد الرغبة في اللجوء للهجرة وخصوصاً عند الذكور.
- نشوء المشاكل الأسريّة نظراً لعدم توافر مصدر دخل للأسرة.
- ازدياد نسب الانتحار.
أسباب البطالة
لانتشار ظاهرة البطالة وتفشّيها في المجتمعات عدّة أسباب منها:
- ضعف الأداء الاقتصادي.
- عدم توافر خبرة كافية وخصوصاً عند الشباب؛ ممّا يجعل استغناء الشركات عنهم أقلّ خسارةً من الاستغناء عن خدمات ذوي الخبرة.
- زيادة الكثافة السكانية.
- الفَساد الإداري في الدول.
- الهجرة من الرّيف إلى المدينة؛ ممّا أدّى إلى وجود فائض من القوى العاملة.
- انتشار ظَاهرة الواسطة والمحسوبيّة، وعدم جعل الكفاءة المِعيار الأول للاختيار؛ فحلّت بدلاً منها اعتبارات أخرى.
- ثقافة العيب التي تمنع الشباب من ممارسة المهن الحرفية، والتركيز على المهن القيّمة اجتماعياً.
- عدم وجود توافق بين مُتطلّبات سوق العمل والكفاءات والتخصّصات المتاحة.
حلول لمشكلة البطالة
إنّ البطالة أزمة لا يجب تَجاهلها أو التغاضي عنها؛ لذلك لا بُدّ من التخلص منها لتزايد مُعدّلاتها بطريقة رهيبة ومخيفة وزيادة خطرها على مجتمعاتنا، ومن طرق التخلّص من البطالة :
- تأسيس جهة تابعة للحكومة تقوم بتسجيل بيانات الأفراد العاطلين عن العمل وكفاءاتهم ومهاراتهم، ومُقارنتها باحتياجات سوق العمل والمهارات اللازمة للوظائف المُتوافرة.
- متابعة أداء المراكز التدريية التي تُدرّب القوى العاملة ومراقبة مخرجاتها، والحرص على تخريج أفراد ذوي مهارات توافق احتياجات سوق العمل.
- إغلاق القبول في التخصّصات التي لا يحتاجها سوق العمل وإرشاد الشباب للتوجه نحو دراسة التخصّصات المطلوبة.
- وضع حد أدنى للأجور.
- إعادة تشكيل الطبقة الوسطى في المجتمع.
- تطبيق الإنفاق الاجتماعي المتوازن بحيث لا يطغى الاهتمام المادي بجانب معين على حساب جانبٍ آخر.
- الحدّ من استقدام العمالة الوافدة والاستعاضة عنها بأبناء الوطن.
- سحب العمالة الفائضة من المناطق التي تُعاني من البطالة المقنّعة، ونقلهم نحو الشواغر التي تعاني من نقص في القوى العاملة.
- استصلاح الأراضي لتوفير فرص عمل إضافيّة وتطوير العملية الزراعية.
- توفير بيئة مُناسبة للاستثمار ليتمكّن القطاع الخاص من التخفيف من عبء هذه الظاهرة.
- زيادة الاستثمارات وإقامة المَشاريع لتوفير فرص عمل.