يرجع الإباضيون نشأة مذهبهم إلى القرن الأول الهجري، وتقول مصادرهم إنه كان يطلق عليهم اسم “جماعة المسلمين” أو “أهل الدعوة”، وإن أول استعمالهم كلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث الهجري حيث تقبلوا الوصف تسليما بالأمر الواقع.
وكثيرا ما يصفون مذهبهم بالحركة ويقولون إنها لم تحظ بدراسة صحيحة من قبل المذاهب الأخرى، لأن أئمة الحركة اعتمدوا الكتمان في حركتهم والتقية في دينهم خوفا من السلطات، وإن مصادرهم الخاصة هي الوحيدة التي تصف المذهب وصفا صحيحا.
التاريخ والسياسة
وتحتل معركة صفين عند الإباضية موقعا خاصا، وهي التي وقعت بين الخليفة علي بن أبي طالب ووالي الشام حينها معاوية بن أبي سفيان، ووقع فيها التحكيم بين الطرفين، وانتهت بأن انفض قسم من جيش علي عنه رفضا للتحكيم.
” يطلق الإباضية على المرحلة التي كان فيها جابر بن زيد بمرحلة “الكتمان” التي استمرت حتى وفاته سنة 93 هـ، أما قيام الخلافة الراشدة وفق شروطهم فيسمونها مرحلة “الظهور” “ |
ثم وقعت معركة النهروان بينه وبين رافضي التحكيم عندما دعاهم للعودة فدعوه لأن يخلع نفسه ويدخل في طاعة إمامهم “إمام المسلمين عبد الله بن وهب الراسبي”، وقتل منهم علي في النهروان عدة آلاف، تقول مصادر الإباضية إنهم كانوا من خيار الأمة وقرائها.
ويقول الإباضية إن أبا بلال مرداس بن حدير الأزدي كان من أهل النهروان، لكنه انتهج المعارضة السلمية هو وصحبه في البصرة حيث استقروا، وإنه قتل بدوره وجماعته عام 61 هـ في بلاد فارس دفاعا عن النفس في مواجهة الأمويين.
ويعزو الإباضيون السبب وراء وصفهم بـ”الإباضية” إلى قيام عبد الله بن إباض بالدفاع عن أصحاب أبي بلال الأزدي في مراسلة له مع السلطة الأموية فكان هو الظاهر منهم، في حين كانت القيادة الحقيقية لمن سموا بالإباضيين تتمثل في جابر بن زيد الأزدي.
والأخير كان فقيها ومحدثا كما تقول مصادر الإباضيين، وكان تلميذا لعبد الله بن عباس وله رواية عن عدد من الصحابة منهم عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
ويطلق الإباضية على المرحلة التي كان فيها ابن زيد مرحلة “الكتمان” التي استمرت حتى وفاته سنة 93 هـ. أما عن قيام الخلافة الراشدة وفق شروطهم والتي يسمونها مرحلة “إقامة الظهور”، فيقولون إنها تتمثل بالدول التي قامت لهم في اليمن (129 هـ) وفي عمان (132 هـ) وفي طرابلس (142 هـ) وفي الجزائر (160 هـ).
” يقول الإباضية بالرواية سبيلا لنقل تعاليم الإسلام ولهم شروطهم الخاصة للحكم بصحة ما ورد من نقولات عن النبي الكريم، وأشهر المصادر عندهم على الإطلاق مسند الربيع بن حبيب” |
وهذه المراحل إضافة إلى غيرها هي طرق أربع لنظام الحكم عندهم طبقوها على العهد النبوي والراشدي (عهد الخلفاء الأربعة) واطلقوا عليها اسم مسالك الدين وهي:
- مسلك الكتمان، عندما يعجزون عن إزاحة السلطة الجائرة المعطلة للشرع، فيلزمون التقية.
- ومسلك الشراء، عندما يبيع أربعون منهم فما فوق أنفسهم لله ويعلنون الجهاد على السلطة الآنفة الذكر.
- مسلك الدفاع، وتكون باختيارهم إماما لرد الاحتلال، أو لعزل إمام فاسق.
- مسلك الظهور، وهو إقامة الخلافة الراشدة.
من فقههم وعقائدهم
ومن أشهر عقائدهم أن الصحابة هم كغيرهم مسيئهم مسيء ومحسنهم محسن، ويخطئون بعضهم مثل علي وأنه أخطأ بالتحكيم ثم أخطأ بحربه على المحكمة في النهروان، ويقولون بتخطئة عائشة في حربها ضد علي في معركة الجمل، ولكنهم يثبتون لهم التوبة مما كانوا فيه، ولهم تفاصيل أخرى تسير في نفس المنحى.
ويقدم الإباضية أنفسهم على أنهم أحد مذاهب المسلمين تماما كالمذاهب السنية من الشافعية والحنفية وغيرها، ويقولون بالرواية سبيلا لنقل تعاليم الإسلام، ولهم شروطهم الخاصة للحكم بصحة ما ورد من نقولات عن النبي الكريم، وأشهر المصادر عندهم على الإطلاق مسند الربيع بن حبيب، ويسمونه الصحيح الجامع، ويقولون إن غالبية الأحاديث التي رواها الربيع بن حبيب مذكورة في المراجع السنية الأخرى بالنص نفسه، أو بفروق طفيفة.
ورغم أن المذهب يلتزم منهجا خاصا في الرواية والفقه، فإن بعض علمائهم نقل في كتبهم الفقهية مسائل فقهية وأحاديث من طرق أهل السنة.
وللإباضيين وجود رئيسي في سلطنة عمان ويشرفون على أوقافها وحياتها الدينية، ولهم وجود في دول مثل ليبيا والجزائر وتونس وتنزانيا.