جدول المحتويات
الملائكة
يُعَدّ الإيمان بالملائكة الرُّكن الثاني من أركان الإيمان، قال -تعالى-: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)، والإيمان بهم يعني: التصديق، واليقين بوجودهم، وإعطاؤهم المنزلة التي مَنحهم الله -سبحانه- إيّاها، والإقرار بأنّهم عِبادٌ لله مأمورن، ومُكلَّفون منه، لا يقدرون على شيءٍ إلّا بأمر منه، وأنّهم رُسُله، قال -تعالى-: (اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا).
والملائكة في اللغة يُقصَد بهم: المُرسَلون، كما قال الله -تعالى- فيهم: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا)، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فقد تمّ تعريفهم بأنّهم: أجسامٌ تسكن السماوات، وقد اتّصفت، وتميّزت بعددٍ من الخصائص، وهي: العُلوّ، واللُّطف*، والقدرة على التشكُّل بمختلف الصور، والأشكال، كما عرّفها ابن قتيبة -رحمه الله- بقوله: “إنّها أرواحٌ لطيفةٌ تجري مجرى الدم وتصل إلى القلوب وتدخل في الثرى وتَرى ولا تُرى”.
أسماء الملائكة وأعمالهم
ذكرَ الله -تعالى- الملائكةَ في القرآن الكريم بعدّة طُرق؛ فتارةً تُذكَر مقرونةً باسمه -سبحانه- كما في قوله: (شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وتارة باتّصالها بصَلاته -سبحانه-: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، وتارة أخرى بإضافتها إلى الله في مواضع التشريف، كما ذُكِرت في بيان وظائفها، كحَملهم للعَرش، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا)، وذُكِرت أيضاً مُرتبِطةً بصفاتهم من طهارة، وعُلوّ، وعدم فتور عن عبادة الله، وغيرها من الصفات، كما جاء في قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذينَ عِندَ رَبِّكَ لا يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحونَهُ وَلَهُ يَسجُدونَ).
أمّا بالنسبة إلى عدد الملائكة فهو أمر غير معلوم، إلّا أنّ المعلوم أنّ عددهم كبيرٌ جدّاً، ومن أبرز الأدلّة على ذلك ما رُوِي عن حكيم بن حزام عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أتَسْمَعُونَ ما أَسْمَعُ؟ قالوا: ما نَسْمَعُ من شيءٍ، قال: إنِّي لأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّماءِ، وما تُلامُ أنْ تَئِطَّ، وما فيها مَوْضِعُ شبرٍ إلَّا وعليهِ مَلَكٌ ساجِدٌ أوْ قائِمٌ)،
أسماء الأفراد من الملائكة
أوكل الله -سبحانه- عدداً من المَهامّ إلى الملائكة، والمعلوم من أسماء الملائكة، وأعمالهم الواردة في القرآن، والسنّة ما يأتي:
- جبريل: وقد ذُكِر بعدّة ألقابٍ، وأسماءٍ في القرآن الكريم، والحديث النبويّ الشريف، منها: روح القدس، والناموس الأكبر، قال الله -تعالى-: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّـهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ*مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّـهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ) وذُكِر في السنّة النبويّة بما رُوِي عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول لحسّان بن ثابت: (إنَّ رُوحَ القُدُسِ لا يزالُ يُؤيِّدُك ما نافَحْتَ عنِ اللهِ وعن رسولِه)، وروى الإمام البخاريّ في صحيحه عن عائشة أنّها قالت: (هذا النَّامُوسُ الذي نَزَّلَ اللَّهُ علَى مُوسَى)، ومَهمّته تبليغ الوحي؛ إذ تُعَدّ الملائكة الواسطة بين الله، ورُسُله في إيصال الكُتب، وتبليغ التشريعات، والأوامر، والملك جبريل -عليه السلام- هو مَن كُلِّف بهذه المَهمّة.
- ميكائيل: وهو من الملائكة المُقرَّبين من الله -سبحانه-، وقد كَلّفه بعدّة وظائف، منها: أنّه مُكلَّف بالمطر، إلى جانب توفيق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى الخير، والمشاركة معه في القتال، وذلك كان مع جبريل -عليه السلام-، ودليل ما سبق ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنّه قال: (رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ أُحُدٍ، ومعهُ رَجُلَانِ يُقَاتِلَانِ عنْه، عليهما ثِيَابٌ بيضٌ، كَأَشَدِّ القِتَالِ ما رَأَيْتُهُما قَبْلُ ولَا بَعْدُ).
- إسرافيل: وقد كَلّفه الله بالنَّفخ في الصور* مرّتَين؛ النفخة الأولى؛ لمَوت مَن في السماوات، ومَن في الأرض بأمرٍ من الله إلّا مَن استثناه الله، والنفخة الثانية؛ للبَعث مرّةً أخرى إلى الحياة بعد الموت، قال الله -تعالى-: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ).
- ملَك الموت: وهو آخر المخلوقات موتاً، فهو مُوكَّل بقَبض أرواح الناس عند الموت، وقد ثبت ذلك في نصوص القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، منها قول الله -تعالى-: (وَهُوَ القاهِرُ فَوقَ عِبادِهِ وَيُرسِلُ عَلَيكُم حَفَظَةً حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ المَوتُ تَوَفَّتهُ رُسُلُنا وَهُم لا يُفَرِّطونَ).، وتجدر الإشارة إلى أنّ ملك الموت لم تَرِد له تسمية في القرآن، أو في السنّة، أمّا تسميته بعزرائيل فليس لها أصل، قال الله -عزّ وجلّ- فيه: (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ).
- ملَك الأرحام: ودليله قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ وكَّلَ بالرَّحِمِ مَلَكًا، يقولُ: يا رَبِّ نُطْفَةٌ*، يا رَبِّ عَلَقَةٌ*، يا رَبِّ مُضْغَةٌ*، فإذا أرادَ أنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قالَ: أذَكَرٌ أمْ أُنْثَى، شَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، فَما الرِّزْقُ والأجَلُ، فيُكْتَبُ في بَطْنِ أُمِّهِ).
- ملك الجبال: ومَهمّته تولّي أمر الجبال؛ فالجبال لها ملائكة مسؤولة عنها، تُنفّذ ما يأمرها الله به، ودليل ذلك ما ورد من قول جبريل -عليه السلام- للنبيّ بما ثبت في صحيح البخاريّ: (قدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم).
- ملكا القبر: وقد وردت في بعض الآثار تسميتهما بمنكر، ونكير، ومهمّتهما سؤال الميّت في قَبره، ودليل ذلك ما رُوِي في الصحيح عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّ العَبْدَ إذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ وتَوَلَّى عنْه أصْحَابُهُ، وإنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أتَاهُ مَلَكَانِ فيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).
- مالك: يُعَدّ مالك من جملة الملائكة المسؤولين عن النار، وهو مُقدَّم عليهم، قال الله -سبحانه- عن أهل النار: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ).
- هاروت وماروت: ورد الاسمان في القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ).
أسماء بعض الطوائف من الملائكة
ورد ذِكر الملائكة في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة بذِكر طوائفهم، ومن هذه الطوائف ما يأتي:
- حملة العرش*: وعدد الملائكة المسؤولين عن ذلك ثمانية كما ثبت في القرآن الكريم بقول الله -تعالى-: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ).
- الحفظة: ومَهمّتهم حِفظ بني آدم، وحراسة المؤمن، وحمايته من المصائب، والأهوال التي قد تُصيبه في يومه، قال -تعالى-: (وَهُوَ القاهِرُ فَوقَ عِبادِهِ وَيُرسِلُ عَلَيكُم حَفَظَةً حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ المَوتُ تَوَفَّتهُ رُسُلُنا وَهُم لا يُفَرِّطونَ)، ويُستثنى من ذلك ما قدّره الله على الإنسان من الحوادث والمصائب.
- خزنة الجنة: اختلفت الروايات في حقيقة ملائكة الجنّة؛ فقِيل إنّهم عددٌ، وقِيل واحدٌ، والدليل على وجودهم قول الله -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)، وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك ملائكة مَهمّتهم رعاية أهل الجنّة، والترحيب بهم، والسلام عليهم، واستقبالهم، قال -تعالى-: (جَنّاتُ عَدنٍ يَدخُلونَها وَمَن صَلَحَ مِن آبائِهِم وَأَزواجِهِم وَذُرِّيّاتِهِم وَالمَلائِكَةُ يَدخُلونَ عَلَيهِم مِن كُلِّ بابٍ * سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ)، علماً بأنّ أوّل من يُفتَح له باب الجنّة خاتم الأنبياء [[بحث عن حياة الرسول منذ مولده حتى وفاته|محمد]] -عليه الصلاة والسلام-، رُوي عن الرسول أنّه قال: (آتي بابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ فأسْتفْتِحُ، فيَقولُ الخازِنُ: مَن أنْتَ؟ فأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيَقولُ: بكَ أُمِرْتُ لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ).
- خزنة النار: ومَهمّتهم استقبال أهل النار، وتبليغهم بالنار والعذاب الأليم؛ لنفورهم عن طاعة الله وحده، وطاعة رسوله، قال -تعالى-: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ*قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ). ويُطلق على الملائكة المسؤولين عن العذاب اسم (الزبانية)، كما ورد في قوله -تعالى-: (سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)، وعددهم كثيرٌ، وعلى رأسهم تسعة عشر ملكاً.
- السياحون: وهم الملائكة الذين ينتشرون في الأرض، ويحيطون بالناس في حلقات الذِّكر.
- المُعقِّبات: ويُطلَق عليها هذا الاسم؛ نظراً لتعاقبها في الليل والنهار، فيخلف بعضهم بعضاً، ولتعاقبها على العبد من بين يديه ومن خلفه، قال -تعالى-: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ).
- زوار البيت المعمور: وهم الملائكة الذين يزورون البيت المعمور؛ وهو بيت في السماء السابعة أعلى البيت الحرام، ومن كثرتهم أن من دخل منهم البيت لا يعود إليه مرة أخرى، ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك.
- السفرة: السفرة في اللغة أي الكتبة؛ لأن الكاتب يسفر بمعنى يبين عن الشيء ويظهره، فهم الذين يكتبون الأعمال، قال -تعالى-: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ*كِرَامٍ بَرَرَةٍ).
ملائكة ذُكِرت أعمالهم دون أسمائهم
هناك ملائكة وردت أعمالهم، ولم ترد تسميتهم، ومن هذه الأعمال:
- نفخ الأرواح في الأجنّة، وكتابة أجل كلّ روحٍ، وعملها، ورزقها، وسعادتها، وشقائها، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعٍ: برِزْقِهِ وأَجَلِهِ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ).
- مراقبة الإنسان، وإحصاء أعماله جميعها، وكتابتها، وتسجيلها؛ فلكلّ إنسانٍ في الحياة الدنيا مَلَكان ملازمان له، مَهمّة أحدهما كتابة الحسنات وهو إلى اليمين، والآخر مُوكَّل بكتابة السيئات وهو إلى الشمال، والدليل على ذلك قول الله -سبحانه-: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ*مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
- ملازمة الإنسان، ودعوته إلى الخير، أو ترهيبه من الشرّ، قال الرسول -عليه السلام-: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ).
- تثبيت المؤمنين في المعارك، والغزوات، والقتال معهم، ومثال ذلك ما كان في غزوة بدر كما ثبت بقول الله -تعالى-: (إِذ يوحي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنوا سَأُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعبَ فَاضرِبوا فَوقَ الأَعناقِ وَاضرِبوا مِنهُم كُلَّ بَنانٍ).
- تولّي أمر النبات، والرياح، والسحاب بأمرٍ من الله، قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: ( الرَّعدُ ملَكٌ من ملائكةِ اللهِ، مُوكَّلٌ بالسَّحابِ، معه مَخاريقٌ من نارٍ، يسوقُ بها السحابَ حيث شاء اللهُ).
- النزول من السماء إلى الأرض كما ثبت في القرآن، والسنّة النبويّة، ومثال ذلك نزولهم ليلة القدر، قال الله -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر*تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ).
خَلْق الملائكة
خلق الله -سبحانه- الملائكة من نورٍ بدليل ما رُوِي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ)، وتسكن الملائكة في السماء -كما سبق القول-، ولا تنزل إلى الأرض إلّا بأمرٍ من الله، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (يا جِبْرِيلُ، ما يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثَرَ ممَّا تَزُورُنا، فَنَزَلَتْ: {وَما نَتَنَزَّلُ إلَّا بأَمْرِ رَبِّكَ له ما بيْنَ أيْدِينا وما خَلْفَنا} [مريم: 64] إلى آخِرِ الآيَةِ، قالَ: كانَ هذا الجَوابَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)، وتجدر الإشارة إلى أنّ خَلْق الملائكة مُتقدِّمٌ على خَلق بني آدم، والدليل على ذلك قول الله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
صفات الملائكة
صفات الملائكة الخَلقيّة
بيّن الله -سبحانه- الهيئة التي خُلِقت عليها الملائكة، والقدرات التي يمتلكونها، وبيان ذلك فيما يأتي:
- لا يتّصفون بالذكورة أو الأنوثة.
- القدرة على التشكُّل بصورٍ مختلفةٍ، ومثال ذلك إرسالهم على هيئة بشرٍ كما أرسلهم الله إلى مريم -عليها السلام-، قال -تعالى-: (فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا).
- امتلاك الأجنحة، وتختلف فيما بينها بالعدد، قال -تعالى-: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
صفات الملائكة الخُلقيّة
تتّصف الملائكة بمجموعةٍ من الأخلاق الكريمة، قال -تعالى-: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ)، وفيما يأتي بيان البعض من تلك الصفات:
- الحياء، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (أَلَا أَسْتَحِي مِن رَجُلٍ تَسْتَحِي منه المَلَائِكَةُ).
- الخوف من الله -سبحانه- وخشيته، قال -تعالى-: (يَخافونَ رَبَّهُم مِن فَوقِهِم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ).
صفاتٌ أخرى
من صفات الملائكة الأخرى:
- عبادة الله، وطاعته دون فتورٍ أو مللٍ، ومن عباداتهم: دوام ذِكرهم لله -تعالى-، ومنه التسبيح كما قال الله -عزّ وجلّ-: (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)، بالإضافة إلى التزامهم بالصلاة، كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (أتَسمعون ما أسمعُ ؟ إني لأَسمعُ أطيطَ السماءِ و ما تُلامُ أن تَئِطَّ ، و ما فيها موضعُ شبرٍ إلا و عليه ملَكٌ ساجدٌ أو قائمٌ).
- العلم الوفير؛ فقد تلقّت الملائكة عِلمها من الله -سبحانه-، وتجدر الإشارة إلى أنّها لا تمتلك القدرة على التعرُّف إلى الأشياء كما يمتلكها الإنسان.
- تنظيم الأمور والشؤون، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (ألَا تَصُفُّونَ كما تَصُفُّ المَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا يا رَسولَ اللهِ، وكيفَ تَصُفُّ المَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ ويَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ).
- السرعة الفائقة العظيمة؛ فجبريل -عليه السلام- كان يأتي إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالوحي إجابةً عن سؤال أحدٍ فور الانتهاء من سؤاله.
- التطهير من الشهوات، ولا يشعرون بالجوع أو العطش، ولا يتناسلون أو يتناكحون أو ينامون.