مفاهيم ومصطلحات أدبية

المسرحية: التعريف، العناصر، الأنواع والتاريخ

تعريف المسرحية

تعد لفظة “المسرح” المكان الذي تدور فيه أحداث عرض تمثيلي يقوم به ممثلون، وقيل عن هذا المكان “خشبة المسرح”، أما المسرحية: فهي فن أدبي قائم على حبك قصة تمثيلية، والتي بدورها تُقدّم أمام الجمهور في فصل أو أكثر، ويكون الحوار بين الشخصيات عُمدة العمل المسرحي الأساسية، والقصة التمثيلية المقدمة تحوي في طياتها إيحاءات يفهمها الجمهور دون التصريح بها من قِبل الممثلين، والحبكة في المسرحية تشمل جميع تصرفات الممثلين وردود أفعالهم وانفعالاتهم، والفن المسرحي تعود نشأته في كثير من الدراسات إلى الإغريق، فكانت العروض المسرحية تُقام في الاحتفالات والطقوس الدينية المرتبطة بعقيدتهم، ثم انتشر هذا الفن وارتبط بتجسيد الطقوس الدينية لكل حضارة، ولكن العرب لم يكوّن المسرح عندهم حالة أدبية مستقلة إلّا في القرن التاسع عشر، ويعود سبب تأخر دخول المسرح إلى العالم العربي إلى عدّة أسباب لعل أهمها، أن العرب لم يهتموا بالمسرحية، لأنها تحتاج إلى التحليل والتطويل، والعرب أشد الناس اختصارًا للقول، فهم أهل الفصاحة والبيان، وبهذا اُشتهروا.

عناصر المسرحية

العمل المسرحي يتكون من عدّة عناصر، وهذه العناصر تُسمى البنية المسرحية، والبنية المسرحية شبيهة بالبنية القصصية، غير أن البنية المسرحية يغلب عليها الحوار، والبنية القصصية مبنية على السرد، وقيل “المسرحية أخت القصة، إلا أن القصة تكتب لتقرأ، والمسرحية تكتب لتشاهد” وعناصر المسرحية تختلف بين مصدر وآخر، وأشهر هذه العناصر:

  • الشخصيات: وهي نوعان، شخصيات رئيسة، وشخصيات ثانوية، فالشخصيات الرئيسة هم الأبطال الذين يؤدون الدور الأساسي على الخشبة، أما الشخصيات الثانوية يكون دورها محدد وظهورها مؤقت، ويدور بين الشخصيات حوار يعبرون من خلاله عن أفكارهم وأحاسيسهم، فيغلب على حوارهم النمط الحواري، وبالتالي تكثر ضمائر المتكلم والمخاطب، ويكثر توظيف الجمل الإنشائية في محاولة لإقناع المتلقي بالرسالة التي تعرض أمامه.
  • السيناريو: من أهم عناصر المسرحية السيناريو؛ وهو كلام مكتوب غير مُعد للتلفظ به، يُرافق الحوار المنطوق، ويوضع بين قوسين، فهو موجه للمثليين ليساعدهم في أداء العرض كما يريد المخرج، فيكتب فيه عن نبرة الصوت، الحركات الجسمية، الإشارات، التنغيم والتفخيم.
  • التمثيل: ومن عناصر المسرحية التمثيل؛ وهو كما في الفنون الدرامية المعروفة، يكون التمثيل عبارة عن حركة الممثلين، وتجسيدهم للشخصيات التي يمثلونها.
  • الديكور: ومن عناصر المسرحية الديكور، حيث يرتبط الديكور مع طبيعة المسرحية، فيُعد المسرح ليتلاءم مع طبيعة المسرحية.
  • الحوار: ومن عناصر المسرحية الحوار؛ فلا مسرحية من دون حوار، فهو الركيزة الأساس لأي عمل مسرحي، ويكون الحوار بين شخصين، أو بين الشخص ونفسه فيسمى مناجاة، والحوار يساعد في كشف طبيعة الشخصيات ويعبر عن همومها وما خفي من دوافع.
  • الصراع: الصراع في المسرحية كالعقدة في الفن القصصي السردي، فلا قصة من دون عقدة، ولا مسرحية من دون صراع، والصراع في المسرحية قائم بين عنصرين هما الخير والشر، والصراع يفضي إلى تأزم المواقف وصولًا إلى الحل في النهاية.
  • البناء: تُبنى المسرحية على عدد من الفصول، وهذه الفصول تبنى بأسلوب تصاعدي، فالصراع يصل لذروته مع كل فصل جديد، إلى أن يصل نحو قمة مشحونة بالتوتر، وبعد ذلك يتجه البناء المسرحي إلى الحل في النهاية، وهو القرار الذي تتخذه الشخصيات.

أنواع المسرحية

المسرحية تنقسم إلى مسرحية شعرية، ومسرحية نثرية، إلا أنّ الثانية راجت أكثر من الأولى، لأن النص الشعري مقيّد بضوابط ربما تقف دون القدرة التعبيرية للشخصيات، أما أنواع المسرحية فهي ثلاثة أنواع: الملهاة، المأساة، الدراما، وأضافت بعض المصادر نوع رابع وهو المونولوج، وفيما يأتي تفصيل لكل نوع:

  • المأساة “التراجيديا”: في هذا النوع تصوير للصراع بين البشر، وتصوير للأحزان والمآسي، فالشخصيات تُصارع قدرها، فتتولد مشاهد تثير في النفس مشاهد الرعب والشفقة، وتتميز المأساة بالجدية، والمواقف الصعبة التي يصعب الاختيار فيما بينها، أما اللغة في المأساة فهي لغة سامية جزلة موحية لا يستطيع تأديتها إلا أبطال مسرحيين عظماء.
  • الملهاة “الكوميديا”: في هذا النوع تغلب الفكاهة والسخرية على المسرحية، فمن خلال تصوير الطبائع البشرية في تناقضها وتصادمها والتي ينجم عنها مواقف هزلية وساخرة في آن واحد، ويغلب على نهاية هذا النوع من المسرحيات النهايات السعيدة، وعدَّ الكثير من الباحثين المأساة والملهاة أساسًا للمسرح، فأغفلوا الأنواع الباقية كونهم اعتبروا كل الأنواع الباقية تتولد عن المأساة والملهاة.
  • الدراما: قوام هذا النوع الأحداث الواقعية الناشئة بين امتزاج عاملين أساسيين: الجد والهزل، وهذان العاملان يلتقيان في العمل المسرحي كما يلتقيان في الحياة نفسها.
  • المونولوج: وهو نص قائم على مناجاة الممثل لنفسه دون الحوار مع الآخرين.

تاريخ المسرحية

تُخبر أغلب المصادر أن الفن المسرحي كانت بداياته في أثينا عند الإغريق، وارتبط المسرح عند الإغريق بطقوس دينية شعائرية كانت تؤدى في المواسم الدينية، وكل النصوص التي وصلت من التراث الإغريقي القديم هي تراجيدية، فقد ألف رواد المسرح الإغريقي “إسخيلوس وسوفوكليس ويوربيديس” قرابة ألف مسرحية، وبذلك فجذور التراجيديا إغريقية، أما الكوميديا فلم يستطع الباحثون تحديد مكان نشأتها، وبما أن الفن المسرحي شكل حالة دينية شعائرية فسرعان ما انتقل إلى أوربا، فراج المسرح الروماني، وشهد المسرح على أيديهم تطورًا وتوسعًا.

وبالانتقال إلى منتصف القرن التاسع عشر حيث بدأ هذا الفن في المجتمع العربي، عندما عاد مارون النقاش من أوروبا إلى بيروت فأسس مسرحا في منزله، فعرض أول نص درامي في تاريخ المسرح العربي الحديث هو” البخيل” لموليير، ومن ثم توالت هذه المحاولات إلى أن أصبح الفن المسرحي يُشكل حالة أدبية عند العرب، واستند العرب في الفن المسرحي إلى الترجمات الغربية والاقتباسات والتعريب، ومن أشهر رواد المسرح العربي “أبو خليل القباني، وتوفيق الحكيم، وسعد الله ونوس، ونجيب الريحاني وغيرهم الكثير”.

السابق
دور المرأة في التاريخ الإسلامي
التالي
أهمية تطبيق الواتساب في عملية التسويق

اترك تعليقاً