العنف الأسري

العنف ضد المرأة المفهوم والأسباب والعلاج

مفهوم العنف ضد المرأة

مفهوم العنف ضدّ المرأة مفهومٌ شائع في كثيرٍ من المجتمعات، فقد أشارت الدراسات إلى أنّ امرأةً من بين كلّ ثلاثة نساء تتعرّض للعنف في أنحاء العالم كافّة، وتعرّف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة أنّه أيّ فعل قائم على العصبيّة الجنسيّة، ويترتّب عليه إيذاء المرأة والتسبّب في معاناتها من جميع النواحي الجسميّة والنفسيّة والاجتماعيّة، يضمن ذلك التهديد أو الحرمان من الحرية، وينتج عن هذا العنف آثارٌ كثيرة تتحمّلها المرأة وأطفالها إذا كان العنف يحدث في الأسرة، منها الآثار الصحية فإنه يسفر عن عواقب مميتة كالقتل والانتحار، ويمكن أن يؤدّي إلى الإصابة بالصّداع وآلام البطن والظّهر واضطرابات في الألياف العضليّة والجهاز الهضميّ وصعوبة الحركة، وأيضًا آثار نفسية كالاكتئاب وحدوث اضطرابات في عادات الأكل، والمرور بمحنة عاطفية كبيرة واضطرابات النوم، وإن الأطفال الذين يعيشون في هذا الجوّ من العنف يتعرّضون للكثير من الاضطرابات السلوكيّة والعاطفيّة.

أسباب العنف ضد المرأة

إنّ العنف ضد المرأة ظاهرة منتشرة، وليست مقتصِرة على طبقة اقتصادية معينة أو شريحة ثقافيّة أو طائفة، بل إنّ النساء من المجتمعات والطبقات كافّة قد يتعرض للعنف من نوع واحد أو عدة أنواع، ومن أهم أسباب العنف ضد المرأة الآتي:

  • النظرة المجتمعية الخاطئة للمرأة: هناك الكثير من المجتمعات ممّن تملك نظرة خاطئة عن دور المرأة في المجتمع وتسعى إلى تهميش هذا الدور، وتصغير قيمتها، حتى أنّها من داخلها تؤمن أنها بلا قيمة؛ لأن الجميع من حولها يشبعونَها بالعوامل السلبية.
  • العادات والتقاليد: فإنّ في أغلب العادات والتقاليد ينظر للمرأة أنّها كائن ضعيف ويجب أن يخضع للسيطرة في شتّى الطرق.
  • التعايش مع العنف: تتطبّع الكثير من النساء وتتعايش من العنف كنمط سلوكي تقبله وتتبرره للرّجال أيضًا، فإنّ الكثير من النساء يعتقدن أن ضرب الزوجة والصراخ عليها حق للرجل في أسباب معينة، لذا يستمرّ العنف ضد المرأة.
  • عدم الثقة بأن العنف سينتهي: غالبًا ما يبدأ الرجل بسلوكِه العنيف بعد فترة شهر العسل مباشرة، ولكن المرأة تعتقد أنها نوبة غضب وستنتهي وأنها الأخيرة، إلا أنها تجد نفسها في حلقة من الغضب لا تنتهي حتى تدرك أنها في حلقة لا متناهية من العنف المُوَجّه نحوها.
  • عدم الرغبة بترك البيت: تتّجه الكثير من النساء إلى تقبُّل العنف والتعايش معه؛ لأنها لا تريد هدم بيتها وحياتها الزوجية، ولا يزال المجتمع يعطي الأولويّة إلى تماسك الأسرة، ولو كان على حساب المرأة وكرامتِها.
  • عدم وجود بدائل: إن حدث وتزوّجت الفتاة في سنّ مبكرة قبل أن تكمل تعليمها، فإن المعيل لها ولأوالدها فقط الزوج، لذا فهي تضطر لتقبُّل ما يصدر منه لأنها لا تمتلك خيارًا آخر، فهي لا تملك فرصة للاستقلال المادي، ولا تمتلك مأوى آخر تتّجه إليه.

علاج العنف ضد المرأة

لأنّ العنف ضد المرأة لا يزل مستمرًّا حتى هذا اليوم، فإنه لا بُدّ من وجود علاج لهذه الظاهرة المنتشرة؛ لما لها من آثار وخيمة على المرأة والأسرة والمجتمع، لذا وضع الكثير من الباحثين عدة حلول وعلاجات، ومن أهم طرق العلاج للعنف ضدّ المرأة الآتي:

استرايجية الحماية

إنّ استراتيجيّة الحماية تستخدم لمنع حدوث العنف أو للاستجابة له، ومن أشكال هذه الاستراتيجية الهرب أو البحث عن شخص ثالث للتدخّل أو الدفاع عن النفس، ويكون الهرب بأن تكون المرأة محدّدة سابقًا لمكان تنتهي فيه هي وأولادها في حال حدثت موجة من الغضب من قبل الرجل، كبيت الجدّة أو أحد الأقارب أو الأصدقاء، فغندما تُخبر الأم أطفالها أن يخرجوا من المنزل يعرفون جيدًا أين سيذهبون، وهذه تكون خُطّة الهرب المؤقت، أما البحث عن شخص ثالث ليتدخل فإن المرأة تطلب الحماية من هذا الشخص إما قانونيًا، أو مِن قِبَل شخص قريب من العائلة أو الجيران، والدفاع عن النفس يكون بأن تتعلم المرأة بعض الحركات والأساليب التي تهرب فيها من العنف الموجّه ضدها كتغطية وجهها أو ارتداء ملابس ثقيلة لتصدّ اللكم والرّكل، أو عن طريق إبعاد أيّة أدوات يمكن أن يستخدمها ضدّها، وبهذا يمكنها أن تحمي نفسها ولو بشكل بسيط مع أنّ استراتيجية التّرك هي الأكثر أهميّة.

استراتيجية البقاء

تَعمل هذه الاستراتيجية مع النساء التي يتوفّر لهن الظروف هذه الحلول، ومن هذه الحلول إيجاد عمل لتشعر المرأة بقيمتها وأمّها تنتمي إلى بيئة معينة وأيضًا تحصل على الدعم منهم، ويمكن للمرأة الانضمام لفرق الدفاع عن النفس حتّى تتمكّن من حماية نفسها، ويمكن أيضًا أن تندمج المرأة بدينها أكثر ليعطيها القوّة حتى تستمرّ، ومن المهمّ أيضًا أن تلجَأ المرأة المعنّفة إلى العِلاج النفسيّ ليساعدَها على تَصنيف مُشكلاتها واتخاذ القرار، وأيضًا للوصول إلى حُلول مع الرجل وإيقاف العُنف، وفي حال قرّرت المرأة البقاء في العلاقة الزوجيّة يجب أن توفّر لها شبكة من الدّعم، وأن تكون من عدّة أشخاص حتى لا تشعر أنها تضايقهم في مشاكلِها.

استراتيجية الترك

إنّ استراتيجيّة الترك تتضمن خُطة قصيرة الأمد أو خُطة طويلة الأمد، فقد تنتظر الأم أن يكبر أولادها حتى تتمكّن من الانفصال عن زوجها أو أنّها تقرّر التّرك في فترة قصيرة، ولكن يجب على المرأة أن تفكّر في عدّة أمور قبل اتخاذ هذه الخطوة وهم أن تضمن حياتها بعد ترك هذه العلاقة، فقد تقرّر بعض النساء أن تترك الزّوج بعد الحصول على وظيفة أو بعد الانتهاء من الجامعة أو بعد أن يتخرّج أطفالها من المدرسة، ومن المهمّ أن تستعدّ المرأة للطلاق، وأن تحاول الحصول على وصاية على الأبناء وتأمين صحي لهم وأمر من القضاء يوفّر لها الحماية من هجوم الرّجل عليها في حال الطلاق، ويجب أن تكونَ المرأة ذكيّة باتخاذ هذا القرار وتتخذه في الوقت المناسب.

السابق
قصة الأرنب والسلحفاة
التالي
حقيقة الأرض المسطحة من القرآن الكريم

اترك تعليقاً