الجهاز الهضمي

ما هو علاج عسر الهضم

عسر الهضم

تُشير مصطلحات عسر الهضم (بالإنجليزية: Indigestion) أو سوء الهضم (بالإنجليزية: Dyspepsia) أو اضطراب المعدة (بالإنجليزية: Upset stomach) إلى الحالة التي يشعر فيها المصاب بانزعاج وعدم راحة في الجزء العلوي من البطن، وحقيقةً لا يُعدّ عسر الهضم مرضًا، وإنّما عرضًا قد يشعر به البعض بين حين وآخر، في حين يشعر البعض الآخر بهذه المشكلة بشكل يوميّ، وفي الواقع يتفاوت المصابون بعسر الهضم بكيفية الشعور الذي يُعانون منه؛ فقد يشعر المصاب بالألم وامتلاء البطن بعد تناول الطعام، وإنّ بعض حالات عسر الهضم قد تُعزى لمشاكل صحية أخرى، وفي الواقع توجد العديد من الحالات التي يُعاني فيها المصابون من أعراض عسر الهضم الجديدة أو المتكرّرة ولكنّهم لم يخضعوا للتشخيص الطبيّ، فبالاستناد إلى نتائج الدراسات المنشورة في المجلة الطبية البريطانية (بالإنجليزية: British Medical Journal) فإنّ ما يُقارب 21% من الأفراد يُعانون من عسر الهضم غير المُشخّص، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف النسب بين الدول، وبشكل عام فإنّ أغلب الحالات سُجّلت بين المُدخّنين، والنساء، والأفراد الذين يستخدمون مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drugs)، وكذلك أولئك المصابون بعدوى البكتيريا الملوية البوابية المعروفة بجرثومة المعدة.

علاج عسر الهضم

يعتمد علاج مشكلة عسر الهضم على كلٍّ من شدة الأعراض التي يُعاني منها المصاب، بالإضافة إلى مدى تكرار حدوثها، وكذلك السبب الكامن وراءها؛ ففي حال كانت الأعراض بسيطة فإنّ تغيير نمط الحياة بطريقة إيجابية يكون كفيلًا في تخفيف أعراض هذه المشكلة، وسيتم الوقوف على النصائح المرتبطة بتغيير نمط الحياة في أدنى المقال، وأمّا بالنسبة للحالات الشديدة فإنّها تتطلب في العادة استخدام العلاجات الدوائية، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّه غالبًا ما تختفي أعراض عسر الهضم من تلقاء نفسها بعد بضع ساعات من بدءها حتى دون اتّخاذ أي إجراء، ومع ذلك يجدر إخبار الطبيب المختص عن طبيعة الأعراض التي يشعر بها المصاب إذا ازداد الأمر سوءًا، وبشكل عام يمكن تقسيم علاج عسر الهضم كما يأتي:

العلاج الفوريّ لعسر الهضم

يُقصد بالعلاج الفوريّ لعسر الهضم السيطرة على الأعراض التي يشعر بها المصاب على الفور، وذلك بوصف الطبيب أنواعًا من الأدوية، واتّخاذ الإجراءات الصحيحة المرتبطة بنمط الحياة، فضلًا عن أهمية مراجعة الأدوية التي يأخذها المصاب، فقد يُوصي الطبيب إجراءَ تغيير على طبيعة الدواء الذي يأخذه المصاب إن كان له علاقة بأعراض عسر الهضم، فمثلًا يمكن أن يُعزى عسر الهضم في بعض الحالات إلى دواء الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin) أو الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen)، وعندئذٍ قد يُوصي الطبيب بالتوقف عن أخذ هذه الأدوية ويصف بديلًا لها، ولكن يجدر التنبيه إلى ضرورة عدم التوقف عن أخذ أي دواء دون استشارة الطبيب، ومن الأدوية الموصوفة للعلاج الفوريّ لعسر الهضم ما يأتي:

  • مضادات الحموضة: (بالإنجليزية: Antacids)، عادة ما يُوصى بأخذ الأدوية التابعة لهذه المجموعة كعلاج أوليّ لمشكلة عسر الهضم، والجدير بالعلم أنّها لا تحتاج لوصفة طبية لأخذها،[٤] وعليه يمكن أخذ هذه المضادات في حال الشعور بعسر الهضم بين الحين والآخر، وحقيقة يكمُن مبدأ عمل هذه الأدوية في معادلة أحماض المعدة، مع العلم أنّها تُباع على شكل محلول وحبوب، وإنّ الشراب يعمل بكفاءة أكثر مقارنة بالحبوب، وأمّا بالنسبة لوقت أخذ هذه المضادات فإنّه من الممكن أخذها فور الشعور بالأعراض أو عند توقع ظهورها أو ازدياد شدّتها؛ وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الوقت المناسب لأخذ هذه المضادات لأغلب الناس يكون بعد تناول وجبات الطعام وعند الذهاب إلى النوم، ومن الأمثلة عليها: هيدروكسيد الألومنيوم، وكربونات المغنيسيوم، وكربونات الكالسيوم، وبيكربونات الصوديوم، وهيدروكسيد المغنيسيوم، وفي الواقع إنّ تأثير مضادات الحموضة يستمر لبضع ساعات فقط، ويجدر التنبيه إلى أهمية إخبار الطبيب بطبيعة الأدوية التي يأخذها الشخص المعنيّ؛ وذلك لأنّ مضادات الحموضة قد تؤثّر في كلّ من عمل هذه الأدوية وامتصاص الجسم لها؛ ومن ذلك أنّ مضادات الحموضة تتداخل مع امتصاص الجسم لمكملات الحديد، وعليه يجدر إخبار الطبيب بذلك لإقرار الوقت الذي يفصل بين استخدام مضاد الحموضة والأدوية أو المكملات الأخرى، مع الحرص على عدم التوقف عن أخذ أي دواء أو مكمل علاجي دون استشارة الطبيب، وأمّا بالنسبة للآثار الجانبية لمضادات الحموضة فهي بسيطة، وقد تتمثّل بحدوث الإسهال أو الإمساك، ويمكن طلب النصيحة من مقدّم الرعاية الصحيّة لاستبدال مضاد الحموضة بآخر لا يُسبب هذه الآثار الجانبية.
  • حمض الألجينيك: تحتوي بعض مضادات الحموضة على حمض الألجينيك، ومثل هذه الأدوية تساعد في التخفيف من أعراض عسر الهضم في حال كان ناجمًا عن ارتجاع أحماض المعدة إلى المريء، إذ يكمن مبدأ عمل حمض الألجينيك في تكوين رغوة على السطح العلوي من المعدة بطريقة تحافظ على أحماض المعدة فيها وتحول دون وصول هذه الأحماض إلى المريء، وعليه يمكن القول أنّ مضادات الحموضة المحتوية على حمض الألجينيك تُوصف في حالات الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي أو أعراض ارتداد الحمض على الأقل، ويُنصح بأخذ هذه الأدوية على معدة ممتلئة؛ أي بعد تناول الطعام حتى تكون فعّالة فيتم الحصول على النتيجة المطلوبة.

العلاج المستمر لعسر الهضم

في حال المعاناة من عسر الهضم بشكل متكرر أو مستمر، وخاصّة لاكثر من أسبوعين؛ فإنّ الأدوية التي سبق بيانها (مضادات الحموضة وحمض الألجينيك) قد لا تُجدي النفع المرجوّ في السيطرة على الأعراض التي يُعاني منها المصاب، وفي مثل هذه الحالات فإن الطبيب يصف دواء آخر للسيطرة على الحالة، ويجدر بالذكر أنّ الطبيب يعمد إلى اختيار الدواء المناسب ليصفه بأقل جرعة فعّالة ممكنة، ومن الخيارات الدوائية التي قد يصفها الطبيب في هذه الحالات يمكن ذكر ما يأتي:

  • مثبّطات مضخة البروتون: (بالإنجليزية: Proton pump inhibitors)، تُعدّ الأدوية التابعة لهذه المجموعة الأكثر فعالية في تخفيف أعراض عسر الهضم إذا كان مصحوبًا بالمعاناة من حموضة أو حرقة المعدة (بالإنجليزية: Heartburn)، ويكمن مبدأ عمل هذه الأدوية في إغلاق الجزء المسؤول عن إفراز أحماض المعدة فيها، ومن الأدوية التابعة لهذه المجموعة: رابيبرازول (بالإنجليزية: Rabeprazole)، ولانزوبـرازول (بالإنجليزية: Lansoprazole)، وإيزوميبرازول (بالإنجليزية: Esomeprazole)، وأوميبرازول (بالإنجليزية: Omeprazole)، وعادة ما تُستخدَم هذه الأدوية مرة واحدة في اليوم، وذلك قبل ثلاثين إلى ستين دقيقة من وجبة الإفطار، مع الحرص على قراءة التعليمات المرفقة بالعبوة وكيفية استخدامها والمحاذير المتعلقة بها وسؤال مقدّم الرعاية الصحية عن أيّ لَبْس، ولا سيّما إذا كان الشخص المعنيّ يأخذ أدوية أو مكملات أو فيتامينات أخرى، فكما هو معروف فإنّ الأدوية التابعة لمجموعة مثبّطات مضخّة البروتون قد تؤثّر في امتصاص عدد من الأدوية والفيتامينات والمكملات، وأمّا بالنسبة للآثار الجانبية التي يُحتمل أن تظهر عند أخذ مثبّطات مضخّة البروتون فعادة ما تتمثّل ب: الغثيان، أو ربّما التقيّؤ، بالإضافة إلى الصداع، والإسهال.
  • حاصرات مستقبل هستامين 2: (بالإنجليزية: H2 blockers)، تُقلّل الأدوية التابعة لهذه المجموعة كمية الحمض الذي تنتجه المعدة، وعادة ما يستمر مفعول هذه الأدوية لفترة قصيرة، ويجدر التنويه إلى أنّ هذه الأدوية قد لا تكون مناسبة لكل من الحوامل والمُرضعات والمصابين بالفشل الكلوي، لذلك يجب على هذه الفئات عدم استخدامها إلا إذا سمح الطبيب بذلك، ومن الأمثلة على أدوية هذه المجموعة: رانيتيدين (بالإنجليزية: Ranitidine)، وسيميتيدين (بالإنجليزية: Cimetidine)، وفاموتيدين (Famotidine).
  • الأدوية المحفزة لحركة القناة الهضمية: (بالإنجليزية: Prokinetics)، قد يصف الطبيب هذا النوع من الأدوية في حال فشل الخيارات العلاجية المذكورة سابقًا، ومن الأدوية التابعة لهذه المجموعة: ميتوكلوبراميد (بالإنجليزية: Metoclopramide) ودومبيريدون (بالإنجليزية: Domperidone)، ويكمن مبدأ عملها في تسريع حركة الطعام في المعدة والجزء الأول من الأمعاء المعروف بالاثني عشر، الأمر الذي يقلّل فرصة المعاناة من عسر الهضم، وتُباع هذه الأدوية على شكل شراب أو حبوب، ومنها ما يُصرف بوصفة طبية ومنها ما لا يحتاج ذلك، ومن الجدير بالذكر أنّه في حال وُصِف دواء دومبيريدون فإنّه يُنصح بأخذه قبل تناول وجبة الطعام بمدة تتراوح ما بين خمس عشرة دقيقة إلى ثلاثين دقيقة، وذلك تفاديًا لأعراض عسر الهضم.
  • المضادات الحيويّة: يلجأ الطبيب لوصف المضاد الحيوي المناسب في حال كان السبب الكامن وراء المعاناة من عسر الهضم هو الإصابة ببكتيريا الملوية البوابية المعروفة بجرثومة المعدة، وفي مثل هذه الحالات عادة ما يُوصف مضادين حيويين في الوقت ذاته تجنبًا لمقاومة البكتيريا لأحدهما، هذا بالإضافة إلى أنّ الطبيب يصف مثبطًا لحموضة المعدة لمساعدة بطانة المعدة على الالتئام والشفاء.
  • مضادات الاكتئاب: يؤثر التوتر والقلق والاكتئاب بصورة سلبية في الجسم، بما في ذلك زيادة أعراض عسر الهضم سوءًا، وبالرغم من أنّ الاستخدام الرئيس لمضادات الاكتئاب هو علاج الاكتئاب النفسي والسيطرة على أعراضه، إلا أنّ الجرعات القليلة منه تُجدي النفع المرجوّ في تخفيف أعراض بعض المشاكل الصحية الأخرى بما في ذلك ألم عسر الهضم، وذلك حتى لو لم يكن الشخص مصابًا بالاكتئاب، وتجدر الإشارة إلى أنّ أكثر مضادات الاكتئاب استخدامًا لمثل هذه الأغراض: مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (بالإنجليزية: tricyclic antidepressant)، وأكثر أدوية هذه المجموعة استخدامًا لهذا الغرض الأَميتريبتيلين (بالإنجليزية: Amitriptyline)، وديسيبرامين (بالإنجليزية: Desipramine)، ومن الآثار الجانبية التي قد تترتب على استخدام هذه الأدوية الشعور بالتعب، ولكن حتى هذا العرض الجانبي يمكن الاستفادة منه في تحفيز الشعور بالنوم وذلك بأخذ الدواء ليلًا، الأمر الذي يُعزّز القدرة على النوم، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأدوية عادة ما تتطلّب بضعة أسابيع لتُظهر أثرها المرجوّ.

دواعي مراجعة الطبيب

عادةً لا يشير عسر الهضم إلى ما يدعو إلى القلق، إلّا أنّه يمكن مراجعة الطبيب في حال استمرّ ذلك لفترة زمنية تزيد عن أسبوعين، كما يجدر الاتّصال بالطبيب في حال المعاناة من الشعور بالألم المصاحب لكلّ من فقدان الوزن غير المبرّر، أو فقدان الشهية، أو تكرار التقيّؤ، أو التقيّؤ المصحوب بدمّ، أو ظهور البراز بلون أسود، أو المعاناة من مشكلة في البلع تزداد تدريجيًّا، أو التعب والضعف العام الذي قد يشير إلى فقر الدم، في حين يجدر طلب التدخل الطبي الفوري في حال الشعور بضيق في التنفس، أو التعرّق، أو ألم في الصدر يمتدّ إلى الفك أو الرقبة أو الذراع، أو الشعور بألم في الصدر عند بذل الجهد أو التوتر.

نصائح وإرشادات للحد من عسر الهضم

توجد مجموعة من النصائح والإرشادات التي يجدر بالمصابين بعسر الهضم أخذها بعين الاعتبار للسيطرة على الأعراض التي يُعانون منها، ومن هذه النصائح نذكر الآتي:

  • الحرص على تناول الطعام بتقسيمه إلى وجبات صغيرة متكررة بدلًا من تناوله على وجبات كبيرة.
  • الحدّ من تناول الأطعمة التي تُحفّز الشعور بعسر الهضم أو تزيده سوءًا، ومن ذلك: الأطعمة الدهنية، والمُتبّلة، والشوكولاتة، والنعنع، والحمضيات، بالإضافة إلى المشروبات التي تحتوي على الكحول أو الكافيين.
  • مراجعة الطبيب لسؤاله عن الأدوية التي يأخذها الشخص المعنيّ، ولا سيّما تلك التي تُباع دون وصفة طبية، فكثير منها يُسبب تهيًجًا ملحوظًا في المعدة، ممّا يُشعر المصاب بأعراض عسر الهضم، ومن الأمثلة على هذه الأدوية: مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، والستيرويدات، والأدوية الناركوتية (بالإنجليزية: Narcotics).
  • محاولة إيجاد طريقة ملائمة تساعد على التحكّم بالتوتر والشعور بالقلق والسيطرة عليهما، ومن ذلك: ممارسة التمارين الرياضية، والتنفّس العميق، والتأمّل.
  • الإقلاع عن التدخين، وذلك لأنّ النيكوتين والمواد الكيميائية الموجودة في السجائر تُسبّب عسر الهضم، وفي هذا السياق يمكن التنويه إلى أنّ السجائر الإلكترونية تحتوي على النيكوتين أيضًا، كما يمكن طلب العَون الطبي للمساعدة على الإقلاع عن التدخين.
  • رفع مستوى رأس السرير بحيث يكون كلّ من الرأس والأكتاف أعلى من باقي الجسم، الأمر الذي يحدّ من فرصة ارتجاع حمض المعدة.
  • إنقاص الوزن بطريقة صحيحة في حال المعاناة من زيادته أو السمنة.
  • تجنب تناول الطعام قبل ثلاث إلى أربع ساعات من الخلود إلى النوم.
  • تناول الطعام ببطء.
  • تجنب ارتداء الملابس الضيقة التي تُطبّق ضغطًا على المعدة.
  • تجنب الاستلقاء بعد تناول الطعام.
  • تجنب ممارسة التمارين الرياضية بعد تناول الطعام مباشرة، وبشكل عام يُنصح بالانتظار لمدة ساعة على الأقل بعد تناول الطعام أو يمكن ممارسة الرياضة قبل تناوله.
  • تجربة بعض المشروبات والأطعمة الطبيعية التي تساعد على التخفيف من عسر الهضم والغازات التي ترافقه، مثل: شراب الزنجبيل، والقرفة، والكمون، والنعناع، والقرنفل، كما يمكن تجربةعصير الليمون مع بعض من صودا الخبز، بالإضافة للتين الذي يساعد على تليين المعدة وتسهيل الإخراج.
السابق
هشاشة العظام الأسباب وطرق الوقاية
التالي
ما هي فوائد البصل للعين

اترك تعليقاً