متفرقات أدبية

الأخطاء اللغوية الشائعة

اللغة العربية

تنبع أهمية اللغة العربية من كونها لغة القرآن الكريم الذي حمله العرب مع الإسلام إلى العالم، ومعه آثرت الكثير من الشعوب ترك لغتها الأولى والتحدث بلغة القرآن، فكان حبهم للغة العربية والإسلام -أي العجم- سببًا لاتجاههم إلى تعلّم قواعد اللغة العربية وجمعها وشرحها للناس، بنحوها وصرفها وصوتها وآدابها وكتابتها وكل ما يتعلق بها، وكما أن الأجيال قد تواصلت بها فيما بينهم، وقد تميزت اللغة العربية بمجموعة من الخصائص التي ميزتها عن غيرها من اللغات التي تمثلت في الخصائص الصوتية، كما تميزت بخصائص مائز في الشكل الخارجي للكلمة وهيئتها ووزنها، ومعاني ألفاظها، وغير ذلك الكثير، إلّا أنّ التشوية ما لبث أن أصاب بعض جوانب اللغة العربية، وشاع وانتشر هذا التشويه بين الناس على أنه من أصل اللغة، فقام الدارسون والمختصون بتتبع هذا التشوية وسموه بالأخطاء اللغوية الشائعة، وهذا هو ما ستتناوله هذه المقالة، الأخطاء اللغوية الشائعة، مفهومها وسببها، وأمثلة عليها.

الأخطاء اللغوية الشائعة

تميزت اللغة العربية بنظامها اللغوي الخاص، وعرف هذا النظام اللغوي بأنه مجموعة الأحكام والقوانين التي تخضع لها اللغة العربية بأصواتها ونحوها وصرفها ودلالاتها وتداولها وكتابتها، إلّا أنّ اللغة العربية الآن تعاني من خطر الأخطاء اللغوية الشائعة، التي شاعت بين أبناء اللغة، وبين دارسي هذه اللغة، وتُعرف هذه الأخطاء اللغوية الشائعة بأنّها الانحراف عن ما هو مقبول في اللغة العربية حسبما يتعامل به الناطقون بها، أو هو “الانحراف عن قواعد النظم العربي الفصيح، الخاص بالمتحدث الأصلي للغة، المتفق عليها بين علماء اللغة القدماء والمحدثون في جانب من جوانب اللغة”. وقد ظهرت الأخطاء اللغوية الشائعة منذ القدم، خاصة مع دخول العجم إلى اللغة العربية، ووقوع اللحن، إلّا أنّ الأخطاء اللغوية الشائعة كثُرت وانتشرت أكثر في العصر الحديث دون أن يهتم بها أبناء اللغة أو يقيموا لها وزنًا، خاصة مع ظهور الصحافة والإعلام، ودخول كثير هذا المجال من غير المختصين باللغة، فظهر الخطأ في لغتهم وقلمهم وانتشر، ومن ثم ظهور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد اختلفت آراء الناس حول متابعة الأخطاء اللغوية الشائعة وتصحيحها، فمنهم من قال أنّ الخطأ هو تطور طبيعي للغة، ولا يمكن القول عن الخطأ أنه خطأ إلّا إذا خالف قواعد اللغة نحوها وصرفها، ومنهم من قال أنّ الأخطاء استفحل أمرها وأحدثت صدعًا في اللغة العربية، وبالتالي تُترك على حالها، وللغة أن تحمي نفسها، والرأي الثالث قال أنّ من واجب العربي أن يغار على لغته، ويسعى إلى تصحيها دائما، وفيما يأتي عرض لنماذج وأمثلة على الأخطاء اللغوية الشائعة في اللغة العربية.

أخطاء الأسماء

وهي الأخطاء اللغوية الشائعة التي تقع في الأسماء والظروف والمصادر والجموع، ومن هذه الأخطاء القول بـ”هذه مسألة هامّةٌ” والصواب القول “هذه مسألة مهمّةٌ”، فمعنى هامّة أي القصد والعزم في الشيء، أما المهمّة فهي التي لها شـأن كبير وعظيم.، ومن الخطأ في الأسماء القول: “هذه ظاهرة لَغويّة” بفتح اللام، والصواب القول: “هذه ظاهرة لُغويّة” بضم اللام، لأن المراد هو النسبة إلى الأصوات التي يعبر بها الناس عن أغراضهم، وهذا يتمثل في “لُغويّ” بينما “لَغوي” هي نسبة لمن يتحدث بكلام لا فائدة ولا نفع منه. ومن الأخطاء اللغوية الشائعة في الأسماء القول بـ”لن أكذب قطّ”، والقول بـ “لم أكذب أبدًا”، والصواب القول: “لم أكذب قطّ”، و”لن أكذب أبدًا”، فقطّ وأبدًا ظرفان، يستخدم الأول للنفي في الماضي، ويستخدم الثاني للنفي في المستقبل، كما أن “لم” من أدوات النفي التي تستخدم للماضي، في حين أنّ “لن” تستخدم في المستقبل، ولا تستخدم أحدهما في مكان الآخر. ومنها أيضا الخطأ في الجمع في قول: “مررت بمشاكل كثيرة” والصواب القول: “مررت بمشكلات كثيرة”، ففي كل معاجم اللغة العربية التراثية، لم يتم جمع مشكلة على مشاكل، بل كانت دائمًا تجمع على مشكلات.

أخطاء الأفعال

من الأخطاء الغوية الشائعة في الأفعال القول بـ: “اطّلعت بالأمر” و”اضطلعت على الكتاب”، والصواب القول: “اضطلعت بالأمر” و”اطّلعت على الكتاب”، فكثيرا ما يخطأ الناس بين الفعلين اطّلع واضطّلع نتيجة التشابه بينهما صوتيًا وسماعيًا، ولكن الفرق بين الفعلين في المعنى كبير، فالفعل اطّلع على وزن افتعل، وتقلب التاء في الوزن افتعل إلى طاء لتناسب الطاء في الفعل اطّلع، والتي تقابل فاء الفعل، ومعنى الفعل معرفة الشيء باطنه معرفةً عميقةً، بينما الفعل اضطلع فيعني القيام بالشيء. ومن الأخطاء اللغوية الشائعة، القول: “تصنّت رجال الشرطة على المكالمة” والصواب القول: “تنصّت رجال الشرطة على المكالمة”، فمن الخطأ استخدام تصنّت للدلالة على التجسس أو التسمّع، وذلك لأن الرباعي المهموع من هذا الفعل هو أنصت وليس أصنت، ومن ناحية الدلالة فالفرق بينهما قديم، فقد ورد معنى صنت في المعاجم القديمة بمعنى الشجاع والقوي لا بمعنى التسمّع.

أخطاء التراكيب اللغوية

ومن الأخطاء اللغوية الشائعة، الأخطاء اللغوية الواقعة في التراكيب النحوية، ومنها الخطأ الواقع في: “أخلينا السكان من المكان” والصواب القول: “أخلينا المكان من السكان”، فالسكان مفعول به لا يعق عليه فعل الفاعل أخلى، وإنما يقع عليه فعل الإجلاء، فالفعل أجلى فعل متعد يتعدى ليقع على الحال بالمكان، بينما الفعل أخلى يقع على المكان، ومن الأخطاء اللغوية الشائعة الواقعة في التركيب كذلك القول بـ: “استبدلت الخطأ بالصواب”، والصواب القول: “استبدلت الصواب بالخطأ” فحروف الجر في اللغة العربية لها معان، وحرف الجر الباء يسمى باء الترك، لأنه يدخل دائمًا على المتروك، والمتروك في الجملة الأولى هو الصواب، بينما القصد والغاية ترك الخطأ.

أخطاء التذكير والتأنيث

ومن الأخطاء اللغوية الشائعة استخدام ما هو للمؤنث مع المذكر، وما هو مذكر مع المؤنث، والخلط بين المؤنث والمذكر، ومن الأمثلة على ذلك الخطأ في قول: “أيها الطالبة انتبهي”، والصواب القول: “أيتها الطالبة انتبهي”، فأيها أداة نداء تستخدم للمذكر في حين أنها استخدمت مع المؤنث، في حين تستخدم أيتها للمؤنث، ولا يصح الخلط بينهما.، ومنها أيضا القول بـ”هذا الرحم”، والصواب القول: “هذه الرحم”، والرحم في المعاجم وردت على أنها لفظة مؤنثة لا مذكرة.، ومنها أيضا القول بـ: “هذا ريح شديد”، والصواب القول: “هذه ريح شديدة”، فكلمة ريح مؤنثة، وتستلزم مها الوصف بالمؤنث، واستخدام اسم الإشارة المؤنث.

أخطاء الصوتيات

ومن الأخطاء اللغوية الشائعة، الأخطاء الواقعة في استخدام الأصوات العربية، عندما ينتقل التفخيم من حرف مفخم، إلى حروف هي في الأصل حروف مرققة، ومن الأخطاء في ذلك، تفخيم النون في كلمة “نصر”، والأصل أنه حرف مرقق، وتفخيم الباء والحاء في كلمة “بحر”، في حين أنهما حرفان مرققان.

أخطاء الإملائيات

ومن الأخطاء اللغوية الشائعة في الإملاء، عدم كتابة تنوين الفتح في الكلمات المنونة، قبل ألف الإطلاق أو ألف تنوين النصب، على اعتبار الألف سادة عن ذلك، وذلك من الخطأ، لأن الألف هنا حالة خاصة من حالات التشكيل التي يزيد فيها حرف واحد على الكلمة بسبب التنوين، ومن الصواب كتابة التنوين حتى لا يظن القارئ أن الألف هي ألف أصلية من الكلمة، وإنما ليعرف أنها زائدة بسبب التشكيل.

السابق
معنى اسم الله المتكبر
التالي
طريقة البحث في المعاجم

اترك تعليقاً